(ينعقد بإيجاب وقَبول)، الإيجاب: هو اللفظ الصادر من البائع، والقبول: هو اللفظ الصادر من المشتري؛ فالإيجاب: هو اللفظ الصادر من البائع أو مَنْ يقوم مقامه، والقبول: هو اللفظ الصادر من المشتري أو من يقوم مقامه، والحقيقة أني قلت:(أو مَنْ يقوم مقامه) من باب التوضيح فقط، وإلا فمن يقوم مقام البائع يسمى بائعًا، فالوكيل مثلًا بائع، وكذلك مَنْ يقوم مقام المشتري.
(بإيجاب وقَبول) لكن اشترط المؤلف أن يكون القبول بعده؛ لأنه فرعٌ عنه بحيث يقول: بِعتُك هذا، فيقول: قَبِلْتُ، فلو تقدم وقال: قبلت ثم قال الثاني: بعت، فإنه لا يصح؛ لأن القبول فرع الإيجاب، (وقبول بعده)، ولم يذكر المؤلف صيغة معينة للبيع، يعني ما قال: لا بد أن يكون بلفظ البيع، فدلَّ هذا على أنه ينعقد بما دل عليه، مثل أن يقول: بعتك هذا الشيء، أعطيتك هذا الشيء، ملكتك هذا الشيء، فالمهم أنه ليس هناك لفظ معين للبيع، أي لفظ يدل عليه فإنه ينعقد به.
وهل هذا شامل لجميع العقود؟ فيه خلاف؛ فمن العلماء مَنِ اشترط لبعض العقود ألفاظًا معينة وقال: لا بد من الإتيان بها، كالنكاح مثلًا قال: لا بد أن يقول: زوجتك وبعدها يقول: قبلت.
ومنهم من قال: جميع العقود تنعقد بما دل عليها عُرْفًا، وهذا القول هو الراجح، وهو المتعين، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله؛ لأن المعاملات ليست عبادات يتقيَّد الإنسان فيها بما وَرَد، بل هي معاملات بين الناس، فما عدَّه الناس بيعًا فهو بيع، وما عدُّوه رهنًا فهو رهن، وما عدُّوه وقفًا فهو وقف، وما عدُّوه نكاحًا فهو نكاح.
فالصواب أن جميع العقود ليس لها صيغ معينة، بل تنعقد بماذا؟ بما دلَّ عليها، ولا يمكن لإنسان أن يأتي بفارق بين البيع وبين غيره، أبدًا.