للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: (التراضي منهما) أي: من البائع والمشتري، يُشْتَرط التراضي من البائع والمشتري، ودليل ذلك قول الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٩]، ومعنى {تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ}: أي: تجارة صادرة عن تراضٍ منكم، هذا من القرآن، وفي السنة قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروى عنه: «إِنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ» (٨)، والنظر يقتضي ذلك أيضًا؛ لأننا لو لم نشترط التراضي لأصبح الناس يأكل بعضهم بعضًا، كل إنسان يرغب سلعة عند شخص يذهب إليه ويقول: اشتريتها منك بكذا قهرًا عليك، وهذا يؤدي إلى الفوضى والشغب والعداوة والبغضاء، فإذن الدليل على اشتراط التراضي من الكتاب والسنة والنظر الصحيح، فلا بد من التراضي.

قال: (فلا يصحُّ من مُكْرَهٍ بِلا حَقٍّ) والمُكْرَه هو الملجَأ إلى البيع، المغصوب على البيع، فلا يصح من المكره إلا بحق، فلو أن سلطانًا جائرًا أرغم شخصًا على أن يبيع هذه السلعة لفلان فباعها فإن البيع لا يصح؛ لأنها صدرت عن غير تراضٍ.

ومثل ذلك ما لو علمت أن هذا البائع باع عليك حياءً وخجلًا فإنه لا يجوز لك أن تشتري منه ما دمت تعلم أنه لولا الحياء والخجل لم يبع عليك، ولهذا قال العلماء رحمهم الله: يحرم قبول هدية إذا علم أن الرجل أهداها له على سبيل الحياء والخجل؛ لأن هذا وإن لم يصرِّح بأنه غير راضٍ لكن دلالة الحال على أنه غير راضٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>