وقوله:(فلا يصحُّ من مكره بلا حقٍّ) أفادنا رحمه الله أنه إذا كان مكرهًا بحق فلا بأس؛ لأن هذا إثبات للحق، يعني: إذا أكرهنا الإنسان على البيع بحق فإن هذا إثبات للحق وليس ظلمًا ولا عدوانًا؛ مثال ذلك: شخص رهن بيته لإنسان في دين عليه، وحلَّ الدين، فطالب الدائن بدينه، ولكن الراهن الذي عليه الدين أَبَى، في هذه الحال يُجْبَر الراهن على بيع بيته، لماذا؟ لأجل أن يستوفي صاحبُ الحق حقه فيُرغَم على ذلك.
ومثال آخر: أرض مشتركة بين شخصين وهي أرض صغيرة لا تمكن قسمتها، فطلب أحد الشريكين أن تُباعَ، فأبى الشريك الآخر، فهنا تباع الأرض قهرًا على من امتنع، لماذا؟ لأن هذا بحق، من أجل دفع الضرر عن شريكه.
فالضابط إذن: أنه إذا كان الإكراه بحق فإن البيع يَصِحُّ ولو كان البائع غير راضٍ بذلك؛ لأننا هنا لم نرتكب إثمًا لا بظلم ولا بغيره فيكون ذلك جائزًا.
عندي مسألة ذكرها في الشرح: إذا أُكْرِه على شيء فباع ملكه من أجل دفع ما أكره عليه؛ يعني: جاء إنسان ظالم وأكرهه، قال له: لا بد أن تدفع لي الآن مئة ألف ريال وإلَّا حبستك، الرجل ليس عنده شيء فباع بيته ليسدد مئة ألف ريال، فما حكم بيعه لبيته؟
طلبة: صحيح.
الشيخ: أنتم فاهمين السؤال زين؟ أُكْرِه على أن يدفع مئة ألف ريال وليس عنده شيء، فباع بيته من أجل أن يدفع الذي أكره عليه، صحيح؟ هو بغير حق، معلوم، قال: لازم الآن تدبر لي مئة ألف، وإلا فالحبس، أو هدده بالقتل بعد، فباع بيته هل يصح؟
طلبة: لا يصح.
الشيخ: طيب، إذن في المسألة قولان لأهل العلم -وأريد بأهل العلم أنتم- إذا طبقناها على هذا الشرط فهل هذا الرجل أُكْرِهَ على بيع البيت، أو أكره على دفع المال؟
طلبة: على دفع المال.
الشيخ: على دفع المال، جائز أن يذهب إلى شخص ويتسلف منه، يستقرض، يجمع من الزكاة، وما أشبه ذلك؛ إذن هو لم يُكْرَه على بيع البيت، فيكون البيع صحيحًا.