للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقي أن يقال: هل يكره أن يُشْتَرى منه بيتُه؛ لأنه مُكْرَه على بيعه ولا يرغب أن يخرج عن ملكه، فهل يكره أن يشترى منه؟ أو لا؟

طلبة: لا، فيه تفصيل.

الشيخ: قال الفقهاء: إنه يُكْرَه أن يُشْتَرى منه.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: لا يُكْرَه؛ لأننا إذا اشترينا منه فقد أحسنَّا إليه، ليش؟ لدفع ضرورته.

والصحيح أن في ذلك تفصيلًا: إن كان الناس كلهم سيضربون عن شرائه ويؤدي ذلك إلى أن يتراجع المكرِه، فهنا لا نقول: يكرَه الشراء منه، نقول: يحرُم الشراء منه، ويجب علينا ألا نشتري إذا علمنا أن في ذلك رفعًا للإكراه.

أما إذا كان المكره لن يمكن أن يتراجع عن إكراهه، فلا وجه لكراهة الشراء منه، بل إن الشراء منه في الواقع إحسان إليه، فالصواب التفصيل في هذه المسألة.

الشرط الثاني: (أن يكون العاقدُ جائزَ التصرف) مَنِ العاقد؟ البائع والمشتري، وهنا قال: (جائز التصرف) ولم يقل: جائز التبرع؛ وذلك لأنه لا يشترط أن يكون البائع أو المشتري جائز التبرع، يشترط أن يكون جائز التصرف، فالتبرع أضيق من التصرف، من جاز تبرعه جاز تصرفه، وليس كل من جاز تصرفه جاز تبرعه.

(أن يكون جائز التصرف)، فمَنْ هو (جائز التصرف)؟ من جمع أربعة أوصاف: أن يكون حرًّا، بالغًا، عاقلًا، رشيدًا، هذا جائز التصرف، من جمع أربعة أوصاف: أن يكون حرًّا، الثاني بالغًا، عاقلًا، رشيدًا.

الحر ضده: العبد، فالعبد لا يصحُّ بيعه ولا شراؤه إلا بإذن سيده؛ ووجه ذلك أن العبد لا يملك، ما في يد العبد ملكٌ لسيده، والدليل على هذا، قول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ بَاعَ عَبْدًا لَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِبَائِعِهِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ» (٩)، فهنا نقول: العبد لا يصح بيعه إلا بإذن سيده.

<<  <  ج: ص:  >  >>