ثم يُشبه الآفة السماوية من لا يمكن تضمينه، كما لو تلف بأكل حيوان له، أو تلف بأكل الجند له، يعني مرَّت جنود السلطان فأكلته؛ فهذا يُلحق بالآفة السماوية؛ لأنه لا يُمكن تضمينه، فالحيوان الذي أكله لا يمكن أن يُضمَّن، والجيش الذي مر به فأخذه لا يمكن أن يضمن، وحينئذٍ نقول: إذا أتلفه ما لا يمكن تضمينه أُلْحِق بالآفة السماوية، وإن أتلفه آدمي مُعيَّن يمكن تضمينه فإنه يُخيَّر المشتري بين فسخ وإمضاء ومطالبة متلفه، هذه ثلاثة أشياء: بين فسخ وإمضاء، هذا الخيار، بين الفسخ والإمضاء.
وإذا أمضى طالب مُتلِفه، وعلى هذا فقوله:(ومطالبة مُتلِفه) ليست داخلة في التخيير، لكنها مفرعة على الإمضاء، يعني فإذا أمضى طالب متلفه ببدله.
إذن إذا تلف المبيع المكيل ونحوه فعلى أربعة أنواع:
أولًا: أن يتلفه البائع.
ثانيًا: أن يتلف بآفة سماوية.
ثالثًا: أن يتلفه ما لم يمكن تضمينه.
رابعًا: أن يتلفه آدمي يمكن تضمينه.
وكل واحدة من هذه الأقسام لها حكمها: إذا أتلفه البائع انفسخ البيع، وقيل: إن أتلفه البائع ضمنه؛ وهذا هو الراجِح، والفرق بين القولين أننا إذا قلنا: انفسخ البيع لم يرجع عليه المشتري بشيء، انفسخ البيع إن كان المشتري قد سلَّم الثمن ليأخذ الثمن، وإن كان ما سلَّمه فهو عنده، وإذا قلنا: إنه يضمنه فإنه ربما تكون القيمة قد زادت بين الشراء والإتلاف، فإذا قلنا: يضمنه فإن المشتري يرجع على البائع بما زاد على الثمن إن زادت القيمة، وهذا القول هو الراجح، وذلك لأن البائع الآن أصبح ظالمًا غاصبًا.