الحال الثانية: أن يتلف بآفة سماوية، فما الحكم؟ نقول: ينفسخ البيع، فيرجع المشتري بالثمن إن كان قد سلَّمه، وإن لم يُسلِّمه فالثمن عنده، ويُستدل لذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم:«إِذَا بِعْتَ مِنْ أَخِيكَ ثَمَرًا، فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ، فَلَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا، بِمَ تَأْخُذُ مَالَ أَخِيكَ بِغَيْرِ حَقٍّ؟ »(١١). فجعل ضمانه على مَنْ؟ على البائع ولا يرجع بشيء.
الصورة الثالثة: أن يتلفه ما لا يمكن تضمينه من آدمي أو غيره، فحكمه حكم ما تلف بآفة سماوية، يعني أنه ينفسخ البيع.
الرابع: أن يتلفه آدمي يمكن تضمينه، فهنا نُخيِّر المشتري بين أمرين؛ بين أن يفسخ البيع ويرجع على البائع بالثمن، أو يمضي البيع ويرجع على المتلف بالبدل، ولاحظوا الفرق بين قولنا: بالبدل، وبين قولنا: بالثمن، فإذا فسخ البيع فليس له إلا الثمن، وإذا لم يفسخه رجع بالبدل.
مثال ذلك: اشترى شخص كيسًا من الحنطة كل صاع بكذا، فجاء آدمي فأتلفه بإحراق أو أكل أو غير ذلك، نقول للمشتري الآن: أنت بالخيار، إن شئت فسخت البيع، ورجعت على المشتري بالثمن.
وما عداه يَجوزُ تَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي فيه قبلَ قَبْضِه، وإن تَلِفَ ما عدا الْمَبيعَ بكيلٍ ونحوِه , فمِن ضَمانِه ما لم يَمْنَعْه بائعٌ من قَبْضِه، ويَحْصُلُ قبضُ ما بِيعَ بكيلٍ أو وَزْنٍ أو عَدٍّ أو ذَرْعٍ بذلك، وفي صُبْرَةٍ وما يُنْقَلُ بنقلِه وما يُتناولُ بتناوُلِه، وغيرُه بتَخليتِه.
و(الإقالةُ) فَسْخٌ. تَجوزُ قبلَ قَبْضِ الْمَبيعِ بِمِثْلِ الثمنِ، ولا خِيارَ فيها ولا شُفْعَةَ.
فإذا فسخ البيع فليس له إلا الثمن، وإذا لم يفسخه رجع بالبدل.