أما على كلام المؤلف -وهو المذهب- فيقولون: متى حصل الكيل ولو في مكانه فهذا قبض، والوزن ولو في مكانه فهذا قبض، والعد ولو في مكانه فهذا قبض، والذرع ولو في مكانه فهذا قبض.
قال:(وفي صُبْرة وما ينقل بنقله) الصبرة: هي الكومة من الطعام، (وما يُنْقَل) مثل: الثياب والحيوان والسيارات وما أشبه ذلك، يحصل قبضها بنقلها؛ لأن هذا هو العرف.
(وما يُتَنَاول بتناوله) يعني: ما يتناول بالأيدي فإنه يحصل القبض بتناوله؛ مثل: الدراهم، الجواهر، الساعات، الأقلام، هذه نقلها بماذا؟ باليد؛ يناولها صاحبها.
(وغيره بتخليته) يعني: ويحصل قبض غير هذه الأشياء بالتخلية، ومعنى التخلية: أن يخلي بين المبيع وبين المشتري، فيسلمه المفتاح -مثلًا- في البيت، وينتقل عن الأرض في الأرض، وما أشبه ذلك. المهم أنه يخلي المبيع للمشتري.
وإذا قال قائل: لو يُرْجَع في ذلك إلى العرف لكان صحيحًا ما دام لا يحتاج إلى حق استيفاء؛ أي: لا يحتاج إلى كيل أو وزن أو عد أو ذرع، ونرجع إلى العرف، فما عدَّه الناس قبضًا فهو قبض، وما لم يعدوه قبضًا فليس بقبض، لكن المؤلف رحمه الله عيَّن ما ذكره بناءً على أن هذا هو العرف في هذه الأشياء.
***
ثم قال رحمه الله:(والإقالة فسخ) الإقالة: هي أن يُقِيل البائع المشتري أو يُقِيل المشتري البائع. ومعنى الإقالة: ألَّا يلزمه بالعقد فيفسخه.
وحكمها التكليفي أنها سنة، وحكمها الوضعي أنها فسخ؛ لأنكم قرأتم في أصول الفقه أن الأحكام نوعان: تكليفية ووضعية، فحكمها التكليفي أنها سنة، ولكن هي سنة في حق المُقِيل، ومباحة في حق المستقيل؛ يعني: فلا بأس أن تطلب من صاحبك أن يُقِيلك، سواء كنت البائع أم المشتري. أما في حق المقيل فهي سنة؛ لما فيها من الإحسان إلى الغير، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«مَنْ أَقَالَ مُسْلِمًا بَيْعَتَهُ أَقَالَ اللَّهُ عَثْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»(١٠).