للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَحْرُمُ رِبَا الفَضْلِ في مَكيلٍ ومَوزونٍ بِيعَ بِجِنْسِهِ، ويَجِبُ فيه الْحُلولُ والقَبْضُ، ولا يُباعُ مَكيلٌ بجِنْسِه إلا كَيْلًا، ولا موزونٌ بجِنْسِه إلا وَزْنًا، ولا بعضُه ببعضٍ جُزَافًا، فإن اخْتَلِفَ الجنْسُ جَازَت الثلاثةُ. والجِنْسُ ما لَه اسمٌ خاصٌّ يَشْمَلُ أنواعًا كَبُرٍّ ونحوِه، وفروعِ الأجناسِ، كالأَدِقَّةِ والأخبازِ والأَدْهَانِ، واللحمُ أَجناسٌ باختلافِ أُصولِه، وكذا اللَّبَنُ، واللحم والشحْمُ والكبِدُ أَجناسٌ، ولا يَصِحُّ بَيْعُ لحمٍ بحيوانٍ من جِنْسِه، ويَصِحُّ بغَيرِ جِنْسِه، ولا يَجوزُ بيعُ حبٍّ بدَقيقِه ولا سَوِيقِه ولا نِيئِه بِمَطْبُوخِه وأَصْلِه بعصيرِه وخالِصِه بِمَشوبِه ورَطْبِه بيَابِسِه،

وسيأتي إن شاء الله بيان ذلك.

حكم الربا أنه مُحَرَّم بالقرآن والسُّنَّة وإجماع المسلمين، ومرتبته أنه من كبائر الذنوب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا ومُوكِلَه وشاهِدَيْه وكاتبه (١)، ولأن الله تعالى قال: {وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: ٢٧٥]، وقال تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: ٢٧٩].

فهو من أعظم الكبائرِ، والإجماعُ على تحريمه، ولهذا مَن أنكر تحريمه ممن عاش في بيئة مسلمة فإنه مرتد؛ لأن هذا من المحرَّمات الظاهرة الْمُجْمَع عليها.

ولكن إذا قلنا هذا، هل معناه أن العلماء أجمعوا على كُلِّ صورة؟ لا، يقع خلاف في بعض الصور، مثل ما قلنا: الزكاة واجبة بالإجماع، ومع ذلك ليس الإجماع على كُلِّ صورة، اختلفوا في الإبل والبقر العوامل، اختلفوا في الحُلِيّ، وما أشبه ذلك.

لكن في الجملة العلماء مُجْمِعُون على أن الربا حرام، بل من كبائر الذنوب، فما هي الأشياء الربوية؟

<<  <  ج: ص:  >  >>