وبناءً على هذا نقول: يجري الربا في كُلِّ مَكِيل قياسًا على الأصناف الأربعة، وفي كُلِّ موزون قياسًا على الصنفَيْن الآخرَيْنِ الذهب والفضة، ولا يجري الربا في غير الْمَكِيل والموزون.
وعلى هذا القول لو أَبدَل برتقالةً ببرتقالَتَيْنِ، يجوز أو لا؟
طلبة: لا يجوز.
الشيخ: لا يجوز؟
طالب: يجوز.
الشيخ: يجوز يا جماعة، هذا ليس مَكِيلًا ولا موزونًا.
طالب:( ... ) معدود.
الشيخ: لا، هذا عُرفٌ طارئ، ويعتبر من المعدود.
وقال بعض العلماء: العلة الطعم في الأصناف الأربعة، والثمنيَّة في الذهب والفضة. وبناءً على هذا نقول: إذا أَبدَل برتقالة ببرتقالتين فإنه لا يجوز؛ لأنها كُلّها مطعومة، وأيضًا إذا أبدل طنًّا من الحديد بطنَّين من الحديد يجوز، وعلى القول الأول لا يجوز.
فالمهم أن العلماء اختلفوا في العلة، وأقرب شيء أن يقال: إن العلة في الذهب والفضة كونهما ذهبًا وفضة، سواءٌ كانَا نقْدَيْنِ أو غير نقْدَيْنِ.
والدليل على أن الربا يجري في الذهب والفضة وإن كانَا غير نَقْدَيْن حديثُ القلادة الذي رواه فضالة بن عبيد أنه اشترى قلادة فيها ذهب وخرز باثني عشر دينارًا، ففصلها فوجد فيها أكثر، فنهى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن تُبَاع حتى تُفْصَل (٣).
ومعلومٌ أن القلادة خرجت عن كونها نقدًا، وعلى هذا فيجري الربا في الذهب والفضة مطلقًا، سواءٌ كانتا نقدًا أم تِبرًا أم حُليًّا، على أيِّ حالٍ كانت، ولا يجري الربا في الحديد والرصاص والصُّفر والماس وغيرها من أنواع المعادن.
أما العلة في الأربعة فالعلة في الأربعة كونها مَكِيلة مطعومة، يعني أن العلة مُرَكَّبة من شيئين: الكيل والطَّعم، ويظهر أثر الخلاف في الأمثلة:
إذا باع صاعًا من الأشنان.
طالب: ما هو الأشنان؟
الشيخ: دقيق يا أخي.
إذا باع صاعًا من الأشنان بصاعين منه، إن قلنا: العلة الكيل، لا يجوز، إن قلنا: العلة الطعم، جاز، إن قلنا: العلة الكيل مع الطعم، جاز أيضًا.