(ويجب فيه) أي: في بيع مَكِيل أو موزون بجنسه، يجب فيه (الحلول والقبض)، يعني أن يكون البيع حالًّا، وأن يقبض، فلو باع ذهبًا بذهبٍ مؤجَّلًا حرُم أو لا؟ يحرُم؛ لأنه يجب فيه الحلول، وإنما وجب فيه الحلول لئلا يدخله ربا النسيئة.
وقوله:(والقبض)، إذا قال قائل: أليس القبض مُغْنِيًا عن الحلول؟ يعني لو قال: يُشْتَرَط فيه القبض، كما جاء في الحديث؛ لقوله:«يَدًا بِيَدٍ»(٢)؟
طالب:( ... ).
الشيخ: هو الواقع يُغْنِي، لكن قد تأتي صورة يكون فيها القبض، ولا يكون فيها الحلول، مثل: أن يبيع عليه ذهبًا بذهب مؤجَّل إلى شهر، ويقول: خذ هذا عندك وديعةً، وإذا جاء الشهر فاقبضه، يمكن أو لا يمكن؟ يمكن، فهذا فيه قبضٌ وليس فيه الحلول، ولهذا بيَّن المؤلف -رحمه الله- أنه يُشْتَرَط الحلول والقبض.
فإذا قال إنسان: أليس الحديث ليس فيه إلا القبض؟ وكلام الرسول -عليه الصلاة والسلام- لا شك أنه أبلغ من كلام المؤلف.
قلنا: ليس في كلام المؤلف إلا زيادة الإيضاح فقط، فهو للحديث بمنزلة الشرح، وكلام النبي صلى الله عليه وسلم إنما يُحْمَل على المعهود، والمعهود أنه إذا تقابض الرجلان في البيع فالبيع حالٌّ؛ لأنه ويش معنى أن يقول: اشتريت منك كيلو من الذهب بكيلو من الذهب، وخذ هذا الكيلو عندك وديعة لمدة شهر، ثم بعد ذلك اقبضه لنفسك؟ صورة نادرة أو لا توجد أيضًا، والنبي عليه الصلاة والسلام إنما يتكلم في الأمور الدائمة المعروفة والغالبة.
فهمنا الآن أنه إذا بِيعَ مَكِيلٌ بجنسه وجب فيه شيئان: التساوي والتقابض؛ لأن المؤلف يقول:(يَحْرُمُ رِبَا الفَضْلِ)، قال:(ويجب فيه الحلول والقبض)، وإذا قال: يجب الحلول والقبض، معناه: يحرم تأخير القبض.
فالقاعدة -علشان ما تذهب أفكاركم بعيدًا- القاعدة: أنه إذا بِيعَ مَكِيلٌ بجنسه وجب شيئان، هما: التساوي والقبض قبل التفرق.