للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدليل: ما ثَبَتَ في الصحيحينِ وغيرِهما منْ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى في جَوفِ الكعبةِ نافلةً، صلَّى ركعتينِ نافلةً (١٢)، ومعلومٌ أن ما ثَبَتَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه صحيحٌ فتكون النافلة صحيحةً.

المنذورةُ هلْ تصِحُّ في الكعبة؟ يعني: لو نَذَر أحدٌ أن يصلِّي ركعتينِ فهلْ يصِحُّ أن يصلِّيَ في الكعبة؟

ننظر، نقول: كلامُ المؤلِّف اشتمل على منطوقٍ ومفهومٍ عَرَفْنا حُكْمَهما؛ الفريضةُ عَرَفْنا حُكْمَها بالمنطوق وأنها لا تصِحُّ، والنافلةُ عَرَفْنا حُكْمها بالمفهوم أنها تصِحُّ.

بقينا بالمنذورة؛ المنذورة يمكن أن نقول: إن كلام المؤلِّف يقتضي أن يكون مسكوتًا عنها؛ لأنها لا تدخل في الفريضة ولا تدخل في النافلة، ولكنْ قد يقول قائلٌ: إننا نَنظُر أيُّها أقربُ إلى الفريضةِ أو إلى النافلةِ فنُلْحقها بالأقرب؛ إنْ نَظَرْنا إلى أنها لم تَجِبْ بأصل الشرع وإنما أوجبها المكلَّف على نفسه قلنا: إلْحاقُها بالنافلة أقربُ؛ لأن الشرع لم يُلْزِمه بها. وإن نَظَرْنا إلى أن الشرع ألزمه بها إذا وُجِد سببُها وهو النذر؛ لقولِ الرسول صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ» (١٣) قلنا: إنها أقربُ إلى الفريضةِ، ولذلك اختلفَ العلماءُ فيها:

فمنهم مَن قال: إن المنذورة تُلْحَق بالفريضة فلا تصِحُّ في الكعبة.

ومنهم مَن قال: لا، تُلْحَق بالنافلة؛ لأنها غيرُ واجبةٍ بأصل الشرع، فتُلْحق بالنافلة وتصِحُّ في الكعبة.

هذا الحكم في النذْر المطْلَق الذي قال فيه الناذر: لله علي نذْرٌ أن أصلِّي ركعتينِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>