الشرط الرابع: أن يكون محتاجًا للرُّطَب، بمعنى أنه يريد أن يأكله، لا يريد أن يُبقيه إلى أن يُتْمِر؛ لأنه قد يقول: أنا أريد أن أشتري الرُّطَب وأبقيه حتى يكون تمرًا؛ ليكون هذا التمر تمر هذا العام وهو أجَدُّ من تمر العام الماضي، يعني أنه جديد، فنقول: لا، لا بد أن تكون محتاجًا للرطب فتأكله.
ولهذا قال العلماء: لو أنه اشترى عَرِيَّة رُطبًا ثم أتمرت بطل البيع؛ لأن الشرط الذي من أجله جاز هذا فُقِدَ.
كم هذه الشروط؟ أربعة شروط.
الخامس: أن يكون الرُّطَب على رؤوس النخل، فإن كانت في أوانٍ، بمعنى أن صاحب البستان خَرَف النخل، وجعله في أوانٍ وعرضه للبيع، فجاء إنسان فقير، قال: أنا ليس معي دراهم، لكن عندي تمر، اخْرِص هذا الإناء من الرُّطَب وأعطيك بمثل خَرْصِه تمرًا، فهذا لا يجوز؛ لأنه يفوت التَّفَكُّه؛ لأن كونه على رؤوس النخل يَتفكه به الإنسان شيئًا فشيئًا.
فهذه خمسة شروط للعرايا.
فإن قال قائل: كيف جازت العرايا وهي حرام من أجل الحاجة دون الضرورة، والقاعدة أن الْمُحَرَّم لا يجوز إلا للضرورة؛ لقول الله تبارك وتعالى:{وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ}[الأنعام: ١١٩]؟ فهذا إيراد جيد لا شك فيه.
الجواب: أن نرُده بالقاعدة المعروفة عند العلماء، وهو أن ما حُرِّم تحريم الوسائل جاز للحاجة؛ لأن المحرَّمات نوعان: محرَّمات تحريمَ غاية لذاتها، ومحرَّمات تحريم وسيلة.
ربا الفضل، هل تحريمه تحريم غاية أو تحريم وسيلة؟
يقول العلماء: إنه تحريم وسيلة، ويستدلون لذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أسامة بن زيد:«إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ»(٩)، وهذه الجملة جملة حصر، كأنه قال: لا ربا إلا في النسيئة، فيقال: المراد بهذا الربا الربا الذي هو الغاية، أما ربا الوسيلة فموجود في التفاضل إذا بِيعَ الشيء الربوي بجنسه.