قال بعض العلماء: لا يجوز؛ لأن هذه الصورة مُسْتَثْنَاة، والمستثنى لا يُقَاس عليه غيره.
وقال بعض أهل العلم: إنه يصح القياس؛ لأن المقصود دفع الحاجة.
والأقرب عندي صحة ذلك، أنه لو كانت الحاجة لصاحب الرُّطَب فلا بأس؛ إذ إن المقصود دفع حاجة الإنسان فلا فرق بين كونه هو البائع أو المشتري.
فإن قال قائل: وهل تجوز العرايا في غير النخل؟ كإنسان عنده زبيب وأراد أن يشتري به عنبًا يَتَفَكَّه به، فهل يجوز أو لا؟
في هذا خلاف بين العلماء؛ منهم من قال: إنه يجوز، قياسًا على التمر، والزبيب طعام كما في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال في زكاة الفطر: وكان طعامنا يومئذ التمر والشعير والزبيب والأقط (١١). فهو طعام.
فإذا احتاج الإنسان إلى عنب وليس عنده إلا زبيب فلا بأس بالشروط التي ذكرنا في العَرِيَّة، وهذا أيضًا أقرب إلى الصواب من المنع؛ لأن العلة التي من أجلها رُخِّص في عرايا النخل موجودة في عرايا أيش؟ العنب، وهكذا ما كان مثله مما يحتاج الناس إلى التفكه به وليس عندهم مال.
الدليل على منع بيع الرُّطَب بالتمر ..
ويَجوزُ بَيعُ دَقيقِه بدَقيقِه إذا اسْتَوَيَا في النُّعومةِ ومَطبوخِه بِمَطبوخِه وخُبْزِه بخُبْزِه إذا اسْتَوَيَا في النشافِ، وعصيرِه بعصيرِه ورَطْبِه برَطْبِه، ولا يُباعُ ربَوِيٌّ بجِنْسِه ومعَه أو معَهما من غيرِ جِنْسِهما، ولا تَمْرٌ بلا نَوًى بما فيه نَوًى، ويُباعُ النَّوَى بتَمْرٍ فيه نَوًى، ولَبَنٌ وصُوفٌ بشَاةٍ ذاتِ لَبَنٍ وصُوفٍ، ومَرَدُّ الكَيْلِ لعُرْفِ المدينةِ والوزْنِ لعُرْفِ مَكَّةَ زَمَنَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وما لا عُرْفَ له هناك اعْتُبِرَ عُرْفُه في مَوْضِعِه.