وهذا مبني على أن الصفقة إذا جمعت بين شيئين وُزِّع الثمن على الشيئين على وجه الشيوع، وحينئذٍ نجهل التساوي بين الرِّبَوِيَّيْنِ.
نأخذ أمثلة أيضًا: باع صاعين من التمر بصاعٍ ودرهم من التمر، يجوز أو لا؟ لا يجوز؛ لعدم التماثل بين التمر.
باع درهمين بدرهم وتمر؟ لا يجوز؛ لأن مع أحدهما من غير جنسه.
فما هو الدليل، وما هو التعليل؟
الدليل: هو حديث فضالة بن عبيد أنه اشترى قلادة فيها خرز وذهب باثني عشر دينارًا، ثم فَصَل الذهب من الخرز فوجد فيها أكثر من اثني عشر دينارًا، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تباع حتى تُفْصَل، أي: حتى يُفْصَل بعضها من بعض، ويُعْرَف قدر الذهب من الخرز (٤)، ووجه النهي أنه تبين الآن أنه اشترى ذهبًا بذهب أكثر منه؛ لأنه لما فَصَلَ أو فصَّل هذه القلادة وجد فيها أكثر من اثني عشر درهمًا، فلما كان الاحتمال واردًا في مثل هذا فإنه يُمْنَع منه؛ سدًّا للباب، حتى لا يتجرأ أحد على أن يبيع شيئًا ربويًّا بجنسه ويضيف إلى أحدهما شيئًا يسيرًا، مثل أن يقول: أنا أبيع مثلًا كيلو من الذهب بكيلو إلا يسيرًا، وأجعل مع الثاني منديلًا مثلًا؛ مع الذي نقص أجعل معه منديلًا، وهذه حيلة لا شك، فَسُدَّ الباب.
وهذه هي القاعدة، أعني قاعدة المذهب:(أنه لا يباع ربوي بجنسه ومعهما أو مع أحدهما من غير الجنس).
على أي حال من الأحوال، حتى لو قال القائل: إذا باع صاعًا من تمر ودرهمًا بدرهمين، والصاع يساوي درهمًا، أفلا نجعل الصاع في مقابلة أيش؟ الدرهم، والدرهم في مقابلة الدرهم، وليس فيه ربا؟ ولهذا لو قال: بعتك هذا الصاع بدرهم، وصارَفتك هذا الدرهم بدرهم، لو قال هكذا جاز، فأي فرق بين أن أقول: بعتك صاعًا ودرهمًا بدرهمين، ما دام أن الصاع لا يساوي أكثر من درهم ولا أقل؟