للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين جنسين ربويين اتفقَا في علة ربا الفضل يحرُم النَّسَاء ويجوز التفاضل.

بين جنسين ربويين لم يتفقا في علة ربا الفضل يجوز التفاضل والنَّسَاء.

هذه الضوابط.

يقول: (يحرُم ربا الفضل في بيع كل جنسين اتفقَا في علة ربا الفضل)، فما هي العلة؟

سبق لنا أن العلماء اختلفوا في العلة، وأن المذهب أن العلة هي الكيل والوزن، فكل مكيل فهو ربوي، سواءٌ كان مطعومًا أم غير مطعوم، وكُلُّ موزون فهو ربوي، سواءٌ كان مطعومًا أم غير مطعوم.

إلا أن المؤلف استثنى فقال: (ليس أحدهما نقدًا)، فإن كان أحدهما نقدًا فإنه لا يحرُم النَّسَاء، كما لا يحرُم التفاضل.

مثال ذلك: إذا باع حديدًا بدنانير، فالعلة -علة ربا الفضل- موجودة فيهما، كلاهما موزون، فمقتضى القاعدة لولا الاستثناء: أنه يحرُم النَّسَاء، ولكن المؤلف -رحمه الله- استثنى فقال: (ليس أحدهما نقدًا).

ودليل هذا الاستثناء حديث عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قَدِمَ المدينة وهم يُسْلِفُون في الثمار السنة والسنتين، فقال: «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» (١٠).

ومعلوم أن الإسلاف يكون في الدراهم، وهي موزونة، أو في الدنانير، وهي موزونة، ومع هذا قال: (أو وزن معلوم)، فدل هذا على أنه إذا كان أحدهما نقدًا فإنه يصح النَّسَاء؛ لئلا يَنْسَدّ باب السَّلَم في الموزونات؛ لأننا لو لم نقل بهذا الاستثناء ما صح السَّلَمُ في الموزونات إذا كان الثمن دراهم أو دنانير.

إذن القاعدة في تحريم ربا النَّسَاء ما هي؟ أن يبيع جنسين ربويين اتفقَا في علة ربا الفضل، ويُسْتَثْنَى من ذلك إذا كان أحدهما نقدًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>