هذا ففيه تفصيل: إن كان باعه بسعر وقته فلا بأس، وإن باعه بأكثر فإنه لا يجوز.
الدليل: حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: كنا نبيع الإبل بالدراهم فنأخذ عنها الدنانير، ونبيع بالدنانير فنأخذ عنها الدراهم، فسألنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن ذلك فقال:«لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا، مَا لَمْ تَتَفَرَّقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ»(٩)، اشترط النبي صلى الله عليه وسلم شرطين:
الشرط الأول: أن تأخذها بسعر يومها.
والشرط الثاني: ألَّا يتفرقَا وبينهما شيء.
فما وجه ذلك؟ يعني: هذا الحكم لا بد أن نرده إلى القواعد العامة، ما وجهه؟
لأنه إذا أخذها بأكثر فقد ربح فيما لم يدخل في ضمانه، يعني مَثَلًا: الدينار يسوى عشرة، وقال: أنا آخذ منك أحد عشر، هذا لا يجوز، لماذا؟ لأن الذي أخذ أحد عشر بدل الدينار ربح، ويش اللي ربح؟ درهمًا، فربح في شيء لم يدخل في ضمانه؛ لأن الدنانير الآن في ضمان مَنْ؟ الدينار في ضمان مَنْ؟ في ضمان مَن هو في ذمته، ما دخل عليه إلى الآن، وقد نهى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن ربح ما لم يُضْمَن. (١١)
إذن اشتراط النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يأخذها بسعر يومها لماذا؟ لئلا يأخذها بأكثر فيربح فيما لم يضمن.
نحن قلنا فيما سبق وفي وقت قريب: المفهوم لا عموم له؛ إذ يصدق المفهوم بالمخالفة ولو في صورة واحدة.
إذا أخذها بأقل من سعر يومها، ما هو بسعر يومها، إذا أخذها بأقل، يعني: الدينار يسوى عشرة، فأخذه الطالب بتسعة، فهل أخذه بسعر يومه؟ لا، مفهوم الحديث:«لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا» أن هذه الصورة لا تجوز، لكنها في الواقع تجوز، ليش؟ لأنه لم يربح فيما لم يدخل في ضمانه، بل نزَّل بعض حقه، أبرأه من بعض حقه، وإبراؤه من بعض حقه لا بأس به.