للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصار المفهوم الآن له عموم ولّا لا؟ لا، وهذه مسألة ينبغي لطالب العلم أن يفهمها؛ أن المفهوم لا عموم له، بل يصدُق بصورة واحدة مخالِفَة، فما هي الصورة الواحدة المخالفة في المثال؟ إذا أخذها بأكثر، الدينار يسوى عشرة وقال: ما يخالف، أعطنا بدلها أحد عشر، هذا لا يجوز؛ لأنه يدخل في ربح ما لم يضمن.

فهمنا العلة في قول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: «لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا»، فما هي العلة في قوله: «مَا لَمْ تَتَفَرَّقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ»؟

العلة ظاهرة أيضًا؛ لأنه سيأخذ عن الدينار دراهم، وبيع الدنانير بالدراهم لا بد فيها من القبض في مجلس العقد، وحينئذ لو لم يَقبض بطل العقد، كما لو باع دينارًا بدراهم ولم يقبض فإنه يبطل العقد، فتبيَّن أن حديث عبد الله بن عمر مُتَمَشٍّ مع القواعد العامة في الشريعة والمعروفة في أبواب الربا.

إذن بيع الدَّيْن بالدَّيْن هنا: إذا باع ما في ذمة الغير له -لنفسه- وهو مما يُشْتَرَط فيه التقابض وجب القبض، وإذا كان لا يجب فيه التقابض فلا بأس أن يتأخر القبض لكن بشرط ألَّا تزيد القيمة لتأخُّر القبض، معلوم؟ ما هو معلوم.

الآن مثلًا: هذا الرجل في ذمته لفلان مئة ريال، فجاء المطلوب قال: ما عندي مئة ريال، ويش عندك؟ قال: عندي عشرة دنانير، والدينار يساوي عشرة، قال: أعطني عشرة دنانير عن المئة، يجوز أو لا يجوز؟

طالب: يجوز.

الشيخ: يجوز بشرط التقابض؛ لأنه بيع دراهم بدنانير.

قال: ليس عندي مئة ريال، وليس عندي دنانير، لكن عندي بُرّ، قال: عندك بُرّ، كم يساوي الصاع؟ قال: الصاع يساوي درهمًا، فإذا أراد أن يأخذ العِوَض كم يكون عِوَض مئة الدرهم؟ مئة صاع، قال: أنا أعطيك مئة صاع عن مئة درهم، قال: ما فيه مانع، هل يُشْتَرَط التقابض هنا أو لا يُشْتَرَط؟

طلبة: لا يشترط.

الشيخ: ليش؟ لأن بيع البُرّ بالدراهم لا يُشْتَرَط فيه القبض؛ لعدم اتفاقهما في علة ربا الفضل.

<<  <  ج: ص:  >  >>