مغطى، ثم إذا نما هذا العذق داخله انشق وانفرج، فإذا باع نخلًا تشقق طلعه فالطلع هنا يكون للبائع، إلا إذا اشترطه المبتاع، وإن لم يَتشقق فهو لِمَنْ؟ للمشتري؛ لأنه تبعٌ للشجرة.
الدليل قول النبي صلّى الله عليه وسلّم:«مَنْ بَاعَ نَخْلًا بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ فَثَمَرَتُهَا لِلَّذِي بَاعَهَا إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ»(١)، هذا هو الدليل، ولننظر هل الدليل مطابق للمدلول أو لا؟
الجواب: لا؛ لأن المؤلف -رحمه الله- علَّق الحكم بالتشقق سواء أبَّره البائع أو لا، والتَّأبير التلقيح، وما هو التلقيح؟ أن يؤخذ من طلع الفحل شيء يوضَع في طلع النخلة، فإذا وُضع صلحت الثمرة وإن لم يُوضع فسدت.
ولهذا لما قدم النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم المدينة وجدهم يؤبِّرون، فيرقى الفلاح إلى الفحل ويأخذ العِذْقَ ويجعل منه على ثمرة النخلة، فيصعد مرة وينزل ويصعد مرة وينزل مع التعب، فقال عليه الصلاة والسلام كلمةً معناها: لا أرى ذلك يغني شيئًا، فلما قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم هذا الكلام تركوه، لم يؤبروا النخل، فصارت النتيجة أن النخل فسد، ثم قال النبي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بعد ذلك:«أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأُمُورِ دُنْيَاكُمْ»(٣)، وتركهم يؤبِّرون، ومراده «أَعْلَمُ بِأُمُورِ دُنْيَاكُمْ» ليس بالأحكام الشرعية فيها، ولكن بتصريفها والتصرف فيها، فنحن أعلم بالدنيا من حيث الصناعة، أما من جهة الأحكام فهي إلى الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم.