إن أبر بعض النخل؛ لأن الطلع قد لا يكون متساويًا كما هو الواقع، إن أبَّر البعض دون البعض فلِمَنْ؟ فللبائع، تغليبًا للتأبير؛ ولأنه من المعلوم أنه لا يمكن أن يؤبَّر النخلُ جميعًا إلا في هذه السنوات الأخيرة بالنسبة لبلادنا، فإنهم كانوا يؤبرونها جميعًا، ينتظرون قليلًا بعد أن تتشقق الأولى، ويشقون الصغار قبل أن تتشقق؛ ليوفر عليهم الطلوع والنزول للنخلة، كانوا في الزمن السابق -لما كان الناس نشطاء ومتفرغين- كان يمكن يصعد للثمرة -ثمرة النخلة- عدة مرات، يلقح أول الثمر ووسطه وآخره، أما الآن يقول: خلي، فاصبر شوي، الطلع المبكر، والطلع المتأخر يشقونه، ويلقحونها مرة واحدة.
على كُلِّ حال إذا كانت نخلة قد أُبِّر بعضها ولم يُؤبَّر الآخر فإنها تتبع المؤبَّر، وتكون لِمَنْ؟ وتكون للبائع.
إذا قال قائل: لماذا عدل الفقهاء -رَحِمَهُم اللَّهُ- أو من عدل من الفقهاء عن التأبير إلى التشقق؟
قالوا: لأن التشقق هو سبب التأبير، فعلق النبي صلّى الله عليه وسلّم الحكم بالتأبير والمراد سببه.
فيقال: من أين الدليل على أن هذا هو مراد الرسول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام؟ وكلامه صريح واضح، فكيف يجوز لنا أن نحرِّفه إلى معنى آخر خلاف ظاهر اللفظ؟ ثم إن العلة في كون الثمر للبائع بعد التأبير واضحة، ولا تنطبق على ما إذا تشقق بدون تأبير، وحينئذ لا يصح القياس، ولا تحريف الحديث إلى معنى آخر.
قال:(إلا أن يشترطه مشترٍ)، فإن اشترطه المشتري؟
طالب: يكون له.
الشيخ: يكون له، الدليل عموم قول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}[المائدة: ١]، والأمر بالوفاء بالعقد أمرٌ به وبأوصافه وشروطه التي تُشترط فيه؛ هذا دليل.
دليل آخر: قول الله تبارك وتعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا}[الإسراء: ٣٤]، والشرط الذي التزمه الإنسان هو عهدٌ على نفسه.