لأنه لو بيع دون أصله بدون شرط القطع في الحال، فإنه إذا تأخر ولو يومًا واحدًا سوف ينمو، هذا النماء الذي حصل بعد بيعه يكون لِمَنْ؟ يكون للبائع، وهو مجهول، فيؤدي إلى أن تكون الصفقة مجهولة؛ لأننا لا ندري مقدار نموه فيما بين البيع وجذه؛ ولهذا نقول: لا تبع هذا القت إلا بشرط أن تشترط على المشتري أن يقطعه في الحال، هذا ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله.
ولكن الصحيح أنه لا يشترط ذلك، إذا كان قطَعَه في وقت يُقطع مثلُه؛ لأن تأخير الحصاد لمدة يوم أو يومين أو أسبوع عند الناس لا يعتبر جهالة ولا يوجِب نزاعًا، والأصل في البيع الحل والصحة حتى يقوم دليل على المنع، وهذا هو الذي عليه العمل.
وكان الناس فيما سبق -ولعلهم إلى الآن- إذا تم تنامي الرطبة -يعني: القت- إذا تم تناميها باعوها، مع أنه ربما يتأخر الحصاد إلى عشرة أيام، إذ إن هذه الأرض الواسعة التي كلها مملوءة قتًّا لا يمكن أن يحصدها في يوم أو يومين.
فالصواب: أنه إذا كان ذلك بعد تناهي نمائها، فإنها إذا بِيعَت لا يُشْترط القطع في الحال، بل يجزُّها المشتري حسب ما تجري به العادة.
وقوله:(ونحوه كباذنجان)، ما هو الباذنجان؟
طالب: هو الباذنجان.
الشيخ: هو الباذنجان! عندنا باللغة العامية يسمونه: بَيْدَجان، وهذا تحريف لا بأس به؛ لأنه عرف، ويذكر أن بائع باذنجان عرضه للبيع في السوق، ولكن الناس لم يشتروا منه، فقال: حدثنا فلان عن فلان عن فلان عن فلان إلى أن بلغ النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: الباذنجان لما أكل له. قصده بذلك ترغيب الناس فيه، فتساقط الناس يشترون منه، وهذا مما مثل به العلماء في المصطلح للموضوع لغرض الدنيا؛ لأن أغراض الوَضَّاعين كثيرة، منها إفساد الدين، ومنها الدنيا، وغير ذلك، أشياء كثيرة.
فهذا لا شك أنه لا يجوز للإنسان أن يرويه للناس إلا مقرونًا ببيان وضعه.