للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعليه فنقول: إن الصحيح في هذه المسألة أنَّ الأفضلَ أن يبتدئ الصلاةَ متَّجهًا إلى القبلة، ثم يتَّجه حيثُ كان وجْهُهُ، أمَّا أنْ يُجعَل ذلك واجبًا بمقتضى هذا الدليلِ المعارَضِ بعموم الأدلَّةِ التي هي أصحُّ منه ففي النفْس منه شيءٌ.

قال المؤلف: (وماشٍ) هذا معطوف على قوله: (راكبٍ)؛ يعني: ولمتنفِّلٍ ماشٍ؛ يعني: يمشي على قدميه، فيجوز للإنسان المسافر إذا كان يمشي على قدميه أن يكون اتِّجاهُهُ حيثُ كان وجْهُهُ، ويسقطُ عنه استقبالُ القِبْلة، إلا أنه قال:

(ويَلْزمه الافتتاحُ والركوعُ والسجودُ إلَيْها)؛ يَلْزمه -أي: الماشي- الافتتاحُ إلى القِبْلة؛ لأنه إذا لَزِمَ الراكبَ مع معاناةِ صَرْفِ المركوبِ فلُزومُه في حقِّ الماشي من باب أَوْلى؛ لأن انصراف الماشي إلى القِبْلة أسهلُ من انصراف مَرْكوبه لو كان راكبًا.

كذلك يَلْزمه الركوعُ والسجودُ إليها أيضًا، أمَّا الراكبُ فلا يَلْزمه ركوعٌ ولا سجودٌ، وإنما يُومِئ إيماءً، أمَّا الماشي فيَلْزمه الركوعُ والسجودُ إليها؛ أي: إلى القِبْلة، فيختلفُ عن الراكب في أمْرينِ:

في أنه يَلْزمه الركوعُ والسجودُ، والراكبُ يكفيه الإيماءُ.

الثاني: أنه يجب أن يكون الركوعُ والسجودُ إلى القِبْلة بخلافِ الراكبِ، والعِلَّة في ذلك قالوا: لأن هذا سهلٌ على الماشي، أمَّا الراكبُ فلا يتحقَّق له الركوعُ والسجودُ إلى القِبْلة إلا إذا نَزَل، ونُزوله من مَرْكوبِهِ فيه صعوبةٌ ومشقَّةٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>