للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثاني يقول: (في الذمَّة) احترازًا من الموصوف المعين؛ لأن هناك شيئًا موصوفًا معينًا ليس في الذمة، مثل أن يقول: أسلمت إليك أربعين ألفًا بسيارتك التي في الجراج صفتها كذا وكذا. هذا موصوف معين فلا يصح، لا يصح السلم فيه؛ لأن هذا كالمعين الحاضر، فالمؤلف اشترط أن يكون موصوفًا في أيش؟ في الذمة.

أسلمت إليك أربعين ألفًا بسيارة بعد سنة، بسيارة، ما هي بسيارتك التي في الجراج؛ بسيارة بعد سنة؟ يصح، ليش؟ لأنه موصوف في الذمة ما عيَّنها، وليست موصوفةً معينةً في مكان معين.

يقول المؤلف: (مؤجلٌ). أيضًا لا بد فيه من التأجيل، فإن لم يكن مؤجلًا فإنه لا يصح سلمًا، مثال ذلك: أن يقول أسلمت إليك مئة الريال التي بيدي الآن بمئة صاع بُر. حكم هذا العقد؟ لا يصح سلمًا؛ لأن السلم لا بد أن يكون مؤجَّلًا، الدليل قول الرسول عليه الصلاة والسلام: «فَلْيُسْلِفْ فِي شَيْءٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» (٩)، فهل قوله: «إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» الشرط في الأمرين جميعًا أن يكون أجلًا وأن يكون معلومًا، أو الشرط عائد إلى المعلوم فقط؟

إن قلنا بالأول صار لا بد أن يكون مؤجَّلًا، إن قلنا بالثاني صار لا يُشترط التأجيل، ولكنه إن أجَّلت فليكن الأجل معلومًا، ومن ثَم اختلف العلماء رحمهم الله فمنهم من قال: لا بد أن يكون له أجل، ومنهم من قال: لا بأس أن يكون بدون أجل.

والذي يظهر لي أنه يصح بدون أجل، ونقول: سمِّه ما شئت سلمًا أو بيعًا؛ لأن هذا ليس فيه غرر وليس فيه ربا وليس فيه ظلم، ومدار المعاملات المحرمة معاملات المعاوضة يدور على هذه الثلاثة: الربا والظلم والغرر، وهذا ليس فيه غرر، وليس فيه ظلم، وليس فيه ربا.

أسلمت إليك مئة ريال بمئة صاع بر بعد سنة يصح ولّا لا؟ يصح؛ لأنه أُجِّل بأجل معلوم، صحيح ما فيه شيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>