ولكن الصحيح أنه يصح إلى الحصاد والجذاذ، والمراد: إلى زمن الحصاد والجذاذ، وليس إلى الجذاذ نفسه أو الحصاد، بل إلى زمنه، فإذا قال المسْلَم إليه: الآن بدأ الناس يحصدون أو يجذُّون، فحينئذ يكون قد حَلّ، وهذا القول هو الصحيح، وكأنك ترى أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهم يُسْلِفُون في الثمار السنة والسنتين كأنك ترى أنهم إنما يُوفُون من النخل في الجذاذ، أو البُرّ في الحصاد (٢).
(ولا إلى يوم)، لماذا؟ لأنه ليس له وَقْع في الثمن، إلا ما يؤخَذ شيئًا فشيئًا، كما لو أَسْلَم إليه في خبز أو لحم يعطيه إياه تبدأ من الغد، فهذا لا بأس به؛ لأن غايته ستكون متأخِّرة إلى وقت يكون فيه وَقْع في السَّلَم.
(الخامس: أن يُوجَد غالبًا في مَحِلِّه ومكانِ الوفاء لا وقتَ العقد).
هذا أيضًا لا بد أن يكون المسْلَم فيه (يوجد غالبًا في مَحِلّه)، أي: في وقت حلوله، (ومكان العقد)، فإن جعله إلى وقت لا يوجَد فيه المسْلَم فيه فإنه لا يصح، مثل: أن يُسْلِم إليه في عنب تحل في الشتاء فهذا لا يصح؛ لأن العنب في الشتاء لا يوجَد، لكن في وقتنا الحاضر يمكن أن يوجَد بواسطة الثلاجات، فيكون كلام الفقهاء رحمهم الله مقيَّدًا بهذا، فمتى وُجِدَ في محله ومكان الوفاء فإنه يصح.
يقول:(لا وقتَ العقد)، يعني: لا يُشْتَرَط أن يكون المسْلَم فيه موجودًا وقت العقد؛ وذلك لأنه -أي المسْلَم فيه- متعلق بالذمة لا بشيء معين، فإذا حدده بأجل يوجَد فيه، فإنه لا يُشْتَرَط أن يكون موجودًا وقت العقد.
قال:(فإن تعذر أو بعضه فله الصبرُ، أو فسخُ الكل) إن تعذر كله (أو البعض) إن تعذر بعضه، (ويأخذ الثمن الموجود أو عِوَضَه).