نقول: يحرُم كل شرطٍ جرَّ نفعًا؛ لأنه إذا شرط شرطًا فيه نفع له وهو المقرض، انتقل القرض عن مقصوده الأصلي وهو الإرفاق إلى المعاوضة، فإذا انتقل إلى المعاوضة صار ربًا؛ لأنه اشتمل على زيادة ونسيئة، فاجتمع فيه الربا بنوعيه.
مثال ذلك: لما استقرض مني مئة ألف واشترطتُ عليه أن أسكن داره شهرًا، صار كأني بعتُ عليه مئة ألف بمئة ألف، بزيادة سُكنى البيت شهرًا، وهذا ربا نسيئة وربا فضل، ربا فضل؛ لأن فيه زيادة، وربا نسيئة؛ لأن فيه تأخيرًا في تسليم العِوَض، ولهذا قال العلماء: كل قرضٍ جرَّ منفعة بشرط فهو ربا.
وعُلِم من قول المؤلف:(كل شرطٍ جرَّ منفعة) أنه لو لم يكن شرطٌ فإنه لا يحرُم، يعني: لو جرَّ منفعة للمقرِض بدون شرط فإنه ليس حرامًا.
مثال ذلك: رجل عنده أرض قد زارع فيها، فجاء المزارع إلى صاحب الأرض، وقال: أنا الآن ليس عندي مواشٍ أحرُث عليها، فقال: أنا أقرضك تشتري مواشيَ تحرث عليها واستمر، فهنا فيه منفعة لمن؟ للمقرِض، فيه منفعة للمقرِض؛ لأن أرضه الآن ستُعمر بالزرع، وسيأتيه سهمه الذي اشترط على العامل، فله في ذلك منفعة، لكن المسألة بدون شرط. ثم المصلحة هنا ليست متمحِّضة للمقرض بل هي لهما جميعًا، فالمقرض يَنتفع بعمارة أرضِه، والمستقرض ينتفع بما يحصل له من الزرع، فيكون هذا جائزًا؛ أولًا: لأن النفع لم يتمحَّض للمقرض، وثانيًا: أن فيه مصلحة لهما جميعًا، وثالثًا: أنه لم يكن بشرط.
لو أنه جاء شخص إلى آخر استقرض منه دراهم في عنيزة، وقال المقرض: أنا من أهل الرياض، أو أنا أريد أن أسافر إلى الرياض لأشتري بضاعة، أشترط عليك أن توفيَني في الرياض، يجوز أو لا؟