للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أفادنا المؤلف رحمه الله: أن إخبار الثقة لا بد فيه من أن يكون المخبِر ثقة، والثقة تستلزم العدالة والخبرة، فإن لم يكن عدلًا فليس بثقة لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: ٦]، فأوجب الله سبحانه وتعالى أن نتبين، وأن نتثبت في خبر الفاسق، ولم يُوجب رده مطلقًا ولا قبوله مطلقًا.

إذن إذا قال لنا إنسان فاسق: القبلة هنا، وإن كان ذا خبرة؛ فإننا لا نعمل بقوله؛ لأنه ليس بعدل، كذلك إذا قال لنا إنسان عدل -نعرفه أنه عدل ظاهرًا وباطنًا، صاحب عبادة وزهد وورع- قال: هذه هي القبلة، لكنه ليس ذا خبرة؛ فإنه ليس بثقة، إذن لا بد في الثقة من العدالة والخبرة، لا بد أن يكون عدلًا، وأن يكون ذا خبرة.

وأفادنا المؤلف أن (أخبره ثقة) أنه لا يشترط التعدد؛ يعني لا يُشترط أن يُخبره ثقتان، وهذا بخلاف الشهادة؛ لأن هذا خبر ديني فاكتُفِي فيه بقول الواحد، كما نعمل بقول المؤذن في دخول الوقت بدون أن يتعدد المؤذنون.

وأفادنا أيضًا قوله: (ثِقة) أنه لو كان المخبِر امرأة يُوثق بقولها لكونها عدلة وذات خبرة فإننا نأخذ بقولها، والعلة في ذلك أن هذا خبر ديني، فيُقبل فيه قول الواحد كالرواية كما أننا نقبل رواية المرأة إذا كانت عدلًا حافظة كذلك نقبل قولها هنا؛ لأن هذا من باب الأخبار الدينية التي يبعد فيها الكذب إذا كان المخبِر بها ثقة.

وقول المؤلف: (بيقين) يعني بأن أخبره عن مشاهدة، أفادنا أنه لو أخبره الثقة عن اجتهاد؛ فإنه لا يعمل بقوله مثل: لو كان جماعة في سفر، كلهم لا يعرفون القِبلة، ولا يستطيعون الاجتهاد إلى جِهتها، لكن فيه واحد منهم يعرف ذلك عن اجتهاد، فظاهر كلام المؤلف أننا لا نأخذ بقوله، ولكن هذا فيه نظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>