للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والتحويل بالزائد على الناقص؛ على كلام المؤلف لا يصح، لكن ما هو الطريق؟ الطريق أن يبرئه من الزائد، ثم يحيله على المساوي؛ يعني مثلًا عنده عشرة آلاف في ذمته لفلان، وأراد أن يُحيله بالعشرة على ثمانية، قلنا: هذا لا يجوز، فإن أحاله بالعشرة على أساس أنه بثمانية من عشرة، أحاله بثمانية من العشرة على الثمانية جائز؛ لأن الدَّينين اتفقا قدرًا.

فإذا قال: أنا أريد أن أبرأ منه نهائيًّا؟ قلنا: الطريق إلى هذا أن يبرئه من الزائد ثم يحيله، وهذه حيلة لا بأس بها؛ لأنها حيلة على مباح، ولو قيل -إذا لم يكن في المسألة إجماع- لو قيل بأنه يصح بدون إبراء لكان له وجه؛ لأن حقيقة استحالة الدائن على ما هو أقل من حقه، حقيقته أيش؟ الإبراء، لكن بدلًا من أن يقول: أبرأتك ثم ذاك يقول: أحلتك، اكتفى بالحوالة.

والخلاصة: أن الحوالة من باب الاستيفاء، فإذا انقلبت إلى معاوضة صار لا بد من مراعاة شروط البيع المعروفة، هذه هي القاعدة، أما هذه الشروط التي ذكرها المؤلف فكما عرفتم أن بعضها فيه نظر.

***

قال: (وَإِذَا صَحَّتْ نَقَلَتِ الحقَّ إِلَى ذِمَّةِ المُحَالِ عَلَيْهِ وَبَرِئَ المُحِيلُ).

(إذا صحت) ومتى تصح؟ بتمام الشروط وانتفاء الموانع؛ لأن كُلَّ شيء من عبادة أو معاملة لا يَصِح إلا باجتماع شروطه وانتفاء موانعه، إذا صحت نَقلت الحق من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه، وبرئ المحيل براءة تامة، وهذا غير الضمان، الضمان سبق أنه لا ينقل الحق؛ يعني الضمان لا ينقل الحق من ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن، وكذلك الكفالة، لكن الحوالة تَنقل الحق من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه، ويبقى المحيل بريئًا.

لو فرض أن المحال عليه أعسَر، فهل يرجع المحال على المحيل؟ لا، لماذا؟ لأن الحق انتقل، وبرئ المحيل براءةً تامة، أليس كذلك؟

<<  <  ج: ص:  >  >>