للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وإذا صحت نقلت الحق إلى ذمة المحال عليه وبرئ المحيل)، ودليل ذلك قول الرسول عليه الصلاة والسلام: «مَنْ أُحِيلَ بِدَيْنِهِ عَلَى مَلِيٍّ فَلْيَحْتَلْ» (١)؛ أي: يتحول من المحيل إلى المحال عليه، فلو كان رجل عليه مئة ألف، وأحال بها على شخص، وتمت الشروط، ثم إن المحال عليه افتقر، ورجع المحال إلى المحيل، فإنه لا يملك ذلك، يقول المحيل: أنا أحلتك والحوالة تمت، وإذا تمت فإنها تنقل الحق من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه.

***

قال: (ويعتبر رضاه، لا رضا المحال عليه، ولا المحتال على مليء).

هذه ثلاثة أركان:

(رضاه)، أي: المحيل.

(لا رضا المحال عليه)؛ هذا الركن الثاني.

(ولا المحتال على مليء)؛ هذا هو الركن الثالث، ولّا لا؟

يعتبر رضا المحيل، فلا يمكن أن يكرَه على الحوالة، لا بد من رضاه.

فإذا قال قائل: ما هو الدليل على رضاه؟

قلنا: الدليل على ذلك أن الله تعالى قال: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٩]، والرضا لا بد منه في جميع العقود، حتى عقد النكاح -على القول الراجح- فيما إذا كانت البنت بكرًا، لا بد من الرضا.

(لا رضا المحال عليه)، المحال عليه لا يعتبر رضاه، فلو أحال رجل بدينه على آخر، وقال المحال عليه: لا أقبل؛ لأن المحال رجلٌ سيئ الطلب، يُتعب المطلوب، وقال المحال عليه: أنا أريد الأول؛ لأنه أسهل وأيسر، هل يملك ذلك؟ لا، لماذا؟ قال العلماء: لأنه -أي: صاحب الحق- يملك استيفاءه بنفسه وبوكيله، والمحال كأنه وكيل، فكما أن لصاحب الحق أن يوكل رجلًا خَصِمًا لدودًا في استيفاء حقه فله أن يحيله.

إذا امتنع المحيل عن الحوالة لكونه فقيرًا، فهل يملك صاحب الدين أن يجبره على إحالته على دينه في ذمة غني؟

<<  <  ج: ص:  >  >>