الذي لا يمكن إحضاره لمجلس الحكم شرعًا الأب، فإن العلماء رحمهم الله يقولون: لا تُمكِن مطالبة الأبِ بالدَّيْن إلا ما كان من النفقة فقط، أما غيره ما يمكن، فلو استقرض أبوك منك مالًا وطالبته به، لا يمكن أن تحضره لمجلس الحكم، ولو طالبته أن يحضر فإن القاضي لا ينظر في ذلك، فإذا أحالك إنسان على أبيك، قال: أنت تطلبني عشرة آلاف، وأنا أطلب والدك عشرة آلاف، أحيلك على أبيك. لك أن ترفض؟
طلبة:( ... ).
الشيخ: هذه مشكلة؛ لأنك إذا رَفَضْتَ، صار قدحًا عظيمًا في والدك، وإن قبِلت ربما يضيع حقك، فما هو حل هذه المشكلة؟ يعني واقعيًّا، وإلا حكمها فقهًا واضح.
طالب: توكيل.
الشيخ: يعني يقبل الحوالة على أبيه، ويوكِّل؟ أخشى أن القاضي يقول: الفرع له حكم الأصل، والوكيل فرعٌ عن موكِّله فلا يمكن تحضر والدك، لا بنفسك ولا بوكيلك، على كل حال نحن نعرف المسألة فقهًا الآن، أما واقعًا فينبغي للإنسان أن ينظر إلى ما يترتب على ذلك من مفاسد، قد يكون بِرّه بأبيه ورفع معنوية أبيه خيرًا من أن يحصل على مقصوده.
ومن لا يمكن إحضاره لمجلس الحكم عادةً، مثل السلطان، إنسان يطلبك عشرة آلاف ريال، وأنت تطلب الأمير عشرة آلاف ريال، فقلت: أحلتك على الأمير، يلزمه القبول؟ لا يلزم، لا بد من رضاه؛ لأن الأمير لا تمكن مطالبته، فإذا ألزمناه بأن يتحول، صار هذا سببًا لضياع حقه، والظلم ظلمات يوم القيامة.
إذن رضا المحتال فيه تفصيل الآن.
طالب:( ... ).
الشيخ: إن كان على مليِّ لم يُعتبر رضاه، وإن كان على غير ملي اعتُبر رضاه، هذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله، وهو الذي مشى عليه المؤلف، وعلى هذا فيُجبَر المحتال أن يتحول وتبرأ ذمة المحيل، إذا كان المحال عليه مليئًا.