للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بالشمس والقمر ومنازلهما) منازل الشمس والقمر هي منازل النجوم الصيفية والشتوية، وهي ثمان وعشرون منزلة ينزلها القمر، كل ليلة له منزلة منها، وليلتان أو ليلة واحدة يكون محاقًا أو مستترًا لا يُرى؛ ولهذا تُسمى ليلة التاسع والعشرين والثلاثين، أو الثماني والعشرين والتاسع والعشرين تسمى ليالي الاستسرار؛ يعني أن القمر يَستتر فيها ولا يُرى.

الثماني والعشرون منزلة، هذه تنزلها الشمس على مدى سنة كاملة، أما القمر فيطوف بها في خلال شهر، يطوف بها في السنة اثنتي عشرة مرة، أما الشمس فتطوف بها في السنة مرة واحدة.

كيف نستدل بمنازلهما؟

ننظر مثلًا إلى النجوم الشمالية التي تقسم المشرق نصفين والمغرب نصفين، والنجوم الجنوبية التي تقسم المشرق نصفين والمغرب نصفين؛ فالجنوبية من جهة الجنوب، والشمالية من جهة الشمال، لكن هذه لا يعرفها إلا من تمرَّس وصار في البر، وليس حوله أنوار من الكهرباء بحيث يعرف هذه النجوم، والذين يعرفونها يستطيعون أن يحكموا على الليل والنهار بالساعات، بل بأقل من الساعات، يقولون مثلًا: الآن راح من الليل نصفه، راح ربعه، راح ثمنه، راح عُشْره؛ يستدلون على ذلك بهذه المنازل.

قال: (بالشمس والقمر ومنازلهما)، فصار الذي يُستدل به على القِبلة: المشاهَدة، وخبر الثقة بيقين، والثالث: القطب، والمحاريب الإسلامية، والشمس والقمر ومنازلهما.

بعض العلماء قال: يُستدل أيضًا بالجبال الكبار، وبعضهم قال: يُستدل أيضًا بالأنهار الكبار ومصابها،

وبعضهم قال: يُستدل بالرياح.

لكن هذه الثلاثة دلالتها خفية، ولهذا أغفلها المؤلف -رحمه الله- ولم يذكرها؛ فإن من الناس من يكون عنده قوة إحساس؛ بحيث يقول لك: الهواء جنوب، لو كان أعمى، الهواء شمال، الهواء شرق، الهواء غرب، ويستدل بالرياح على الجهات.

<<  <  ج: ص:  >  >>