للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأضرب لكم مثلًا ببنات نعش الكبرى والصغرى، هي سبع نجوم كبيرة، وسبع نجوم صغيرة؛ بنات نعش الصغرى في أحد طرفيها (الجَدْي)، وفي الآخر (الفَرْقَدان) الذي قال فيهما الشاعر:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَفَرْقَدَا السَّمَاءِ لَنْ يَفْتَرِقَا

هذه سبعة نجوم، طرفها (الجدي)، وطرفها الثاني (الفرقدان)، هذه لا تغيب أبدًا، لا تغيب عنَّا، نشاهدها وهي تدور، أحيانًا تكون (الفرقدان) في الجنوب، و (الجَدْي) في الشمال، وأحيانًا يكون (الجَدْي) في الجنوب، و (الفرقدان) في الشمال لا تغيب، أما بنات نعْش الكبرى فإنها تغيب؛ لكن لا تكاد تمضي ساعة أو ساعة ونصف إلا وقد طلع أولها من الشرق بعد أن يغيب آخرها من الغرب؛ لأن المسافة ما هي بعيدة.

على كل حال يُستدل على القبلة بالقطب، سواء كنت في البر أو في البلد، ولكن يحتاج إلى معرفة القطب ما هو، أنا أخشى أن بعض الناس يظن أن القطب سهيل، وسهيل هو في؟

طالب: الجنوب.

الشيخ: في الجنوب، لكن القطب في الشمال؛ وهو نجم خفي -كما قال صاحب الإقناع وغيره- لا يراه إلا حديد البصر في غير ليالي القمر في الليالي الصافية.

فإذا قال قائل: ما هو الدليل على الاستدلال على القبلة بالقطب؟

قيل: الدليل قوله تعالى: {وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} [النحل: ١٦]، فإن الله سبحانه وتعالى أطلق الاهتداء بالنجم؛ فالنجم يُهتدى به على الجهات لكل غرض.

الشمس والقمر أيضًا يُستدل بهما على القِبلة؛ لأن الشمس والقمر كلاهما يخرج من المشرق ويغرب في المغرب، فإذا كنت عن الكعبة غربًا فالقبلة شرقًا، وإذا كنت عن الكعبة شرقًا، فالقبلة غربًا، وإذا كنت عن الكعبة شمالًا فالقبلة جنوبًا، وإذا كنت عن الكعبة جنوبًا فالقبلة شمالًا، «وَمَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ» (٥)، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام، وذلك لأهل المدينة ومن ضاهاهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>