للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (أو وجد محاريب إسلامية عمل بها) عُلِم من كلامه أنه لو وجد محاريب غير إسلامية لم يعمل بها، لماذا؟ لأنه لا يوثق ببنائهم كما لا يُوثق بقولهم في مسائل الدين، وإلا لكان يُمكن أن يُقال: إن المعروف عند غير المسلمين من أهل الكتاب أنهم يتجهون إلى بيت أيش؟ بيت المقدس، فإذا وجدنا محاريب لهم متجهة إلى بيت المقدس، ونحن مثلًا في جهة بين بيت المقدس وبين الكعبة عرفنا أن القبلة خلاف محاريبهم، لكننا لا نثق بمحاريبهم؛ لأننا نخشى أن يكونوا قد بدَّلوا أو غيَّروا؛ فلهذا قيد المؤلف هذا بقوله: (أو وجد محاريب إسلامية). قال الشارح: (لأن اتفاقهم عليها مع تكرار الأعصار إجماع عليها، فلا تجوز مخالفتها؛ حيث علمها للمسلمين).

الثالث: مما يُستدل به على القبلة، قال: (ويُستدل عليها بالقطب)، هذا دليل آفاقي؛ أي: دليل في الأفق.

القطب، فما هو القطب؟

القطب: هو الشيء الذي تدور عليه الأشياء، وهو أصل الشيء، والقطب هذا نَجْم خفي من جهة الشمال الشرقي بالنسبة لنا هنا في القصيم خفي جدًّا، قال العلماء: لا يراه إلا حديد البصر في غير ليالي القمر، إذا كانت السماء صافية، لكن له جار بيِّن واضح يُستدل به عليه وهو (الْجَدْي)، فإن (الْجَدْي) قريب منه؛ ولهذا يظن بعض الناس أن (الجَدْي) ثابت لا يتغيّر، وليس كذلك، بل (الجَدْي) يتحرَّك يسيرًا، لكن لِقُربه من القطب لا تتبيَّن حركته، أما القطب نفسه فإنه لا يتحرك ولا يتغيَّر، كقطب الرَّحا، وأنتم تعلمون الآن الرحا إذا دارت ما كان حول قطبها؛ فإن دورانه يسير خفيًّا جدًّا، وكلما قرب كان أخفى، والبعيد تكون دورته واسعة بيِّنة، هكذا النجوم على القطب، ما كان قريبًا منه فدورته يسيرة جدًّا؛ حتى إن بعض الناس يظن أنه لا يدور، وما كان بعيدًا فإنه يدور دورانًا كبيرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>