ثم قال:(وَإِنْ وَضَعَ بَعْضَ الحَالِّ وَأجَّلَ بَاقِيَهُ صَحَّ الإسْقَاطُ فَقَطْ) إن وضع بعض الحال وأجَّل باقيه صح الإسقاط دون التأجيل، مثال ذلك: إنسان عنده لشخص مئة درهم قد أقر بها، ولا إشكال عنده فيها، فقال له: ليس عندي شيء الآن، أريد أن تسقط عني خمسين درهمًا وتؤجل الباقي، أفهمتم؟ رجل في ذمته لشخص مئة درهم، فقال: أرجو منك أن تؤجل عليَّ خمسين درهمًا وتسقط عني خمسين درهمًا، قال: لا بأس أفعل، ففعل، يقول المؤلف: يصح الإسقاط ولا يصح التأجيل، يصح الإسقاط؛ لأنه أسقط عنه، قال: وضعت عنك خمسين درهمًا، وفي ذمتك خمسون درهمًا، لكن التأجيل لا يصح، لماذا؟ لأن عندهم قاعدة -الفقهاء رحمهم الله- وهي أن الحال لا يمكن أن يتأجل، ولا يقبل التأجيل، ولهذا مر علينا في القرض أنه إذا استقرض شيئًا وأجَّل وفاءه، فإنه لا يصح التأجيل ولا يلزم.
ولكن الصحيح في هذه المسألة وفي مسألة القرض أنه يصح، فإذا قال: وضعت عنك خمسين درهمًا وأجَّلتُ الخمسين، فإنه يجب أن يفي بوعده؛ لأن إخلافَ الوعدِ، ولا سيما في مثل هذه الأمور المالية التي قد يترتب عليها ضمان أو نقص محرمٌ؛ أعني: إخلاف الوعد؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال محذرًا منه:«آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ» ومنها: «إِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ»(٤)، والصواب أنه يصح الوضع ويصح التأجيل، فماذا يلزمه على هذا؟ يلزمه خمسون مؤجلة.
(وإن صالح عن المؤجل ببعضه حالًّا أو بالعكس أو أقرَّ له) إلى آخره.