الشيخ: تمام، هذا لا يصح أيضًا، لماذا؟ لما ذكرنا قبل قليل أنه صالح عن ماله ببعض ماله، والغالب أن مثل هذا لا يتأتى إلا إذا امتنع المُقِر من الإقرار إلا أن يبني له، أما أن يُقر ويقول: البيت بيتك، ثم يقول: صالحني على أن أبنيه، هذا ما يستقيم في الغالب إلا إذا منعه، وسبق لنا أن الصلح على إقرار إذا كان بشرط أو منع حقه بدونه فإنه لا يصح.
(أو صالح مُكلفًا ليقر له بالعبودية)، وهذا يقع، حيلة في الغالب، قال: تعال يا فلان، أريد أن أدعي أنك عبدي، وأَقِر عند القاضي، ففعل، ذهب إلى القاضي وقال: هذا عبدي وأريد أن توثِّق ملكي به، فقال: طيب، كتب وثيقة بأن فلانًا بن فلان عبدٌ لفلان، يصح ولّا لا؟ أجيبوا يا جماعة؟
طلبة: لا يصح.
الشيخ: أجيبوا يا جماعة؟
طلبة: لا يصح.
الشيخ: ليش؟ لأن الحر لا يمكن أن يكون عبدًا، بل قد قال النبي عليه الصلاة والسلام:«قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتِهِ أَجْرَهُ»(٦)، هذا لا يصح، فإن قال قائل: وهل يمكن هذا؟
قلنا: يمكن، يتفق اثنان على أن يُقر أحدهما للآخر بالعبودية، ثم إن المقَرَّ له يبيعه، ويأخذ الثمن ويقول للذي أقر بالعبودية، يقول: الثمن بيني وبينك، ثم يوصيه، ويقول: إذا بعتك على فلان وأخذت الثمن فعليك بالإباق، يمكن هذا، أليس كذلك؟
إذن نقول: هذه المصالحة لا تصح، حرام، وهي من كبائر الذنوب؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: إن الله خصم هؤلاء؛ أخبر عن الله أنه قال: إنه خصمهم، وهذا وعيد.