للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلنا: نعم، الشرط ألَّا يتضرر الجدار بذلك، مثل أن يكون الجدار رَهيفًا والخشب ثقيلًا، ويتضرر الجدار، يُخْشَى عليه من الانهدام فحينئذٍ لا يحل له أن يضعه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» (٦)، لكن إذا كان لا يضره فإنه لا يمنعه ما دام محتاجًا إلى ذلك.

دليل هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا يَمْنَعَنَّ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ» أو قال: «خَشَبَةً - فِي جِدَارِهِ» (٧)، لا يمنع، والنهي هنا للتحريم، وإنما حرَّم النبي صلى الله عليه وسلم المنع؛ لأن في وضع الخشب مصلحة لصاحب الجدار ومصلحة للجار.

أما مصلحة الجار فظاهرة؛ لأنه يسلم مِن أن يُقِيم أعمدة، ويقيم سقوفًا قوية تحمل الخشب، وأما مصلحة ذلك لصاحب الجدار؛ فلأن الخشب يشد الجدار ويقويه، ويقيه الشمس، ويقيه المطر، ففيه مصلحة للطرفين، ولهذا نهى النبي عليه الصلاة والسلام الجار أن يمنع جاره من وضع خشبه على جداره.

قال أبو هريرة: ما لي أراكم عنها مُعْرِضِين، والله لأَرْمِيَنَّ بها بين أكتافكم، قال ذلك حين كان أميرًا على المدينة، وكلامه رضي الله عنه يحتمل معنيين:

المعنى الأول: ما لي أراكم عنها، أي: عن هذه السُّنَّة، مُعْرِضِين، والله لأرمين بها بين أكتافكم، وخص الأكتاف؛ لأنها موضع التحمل.

والمعنى الثاني: ما لي أراكم عنها معرضين، أي: تمنعون من وضع الخشب، والله لأرمين بها، أي: بالخشب، بين أكتافكم، يعني: لو لم أجد ما أضعها عليه إلا أكتافكم لوضعتها على أكتافكم؛ لأنه كان أميرًا، وهذا كقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه لمحمد بن مسلمة: والله لَأُجْرِيَنَّهُ ولو على بطنك. (٨) تعرفون القصة هذه؟

<<  <  ج: ص:  >  >>