للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (وغيره)، يعني: كالمدارس، والرَّبط، وما أشبه ذلك من الأوقاف العامة، فإنه يضع خشبه عليها كما يضعه على جدار الجار بالشرطين المذكورين، وهما: الضرورة إلى وضع الخشب، والثاني: عدم الضرر. (وكذلك المسجد وغيره).

وظاهر كلام المؤلف أن للجار أن يعلِّي بناءه على جاره، يعني مثلًا يجعل خمسة طوابق، ستة طوابق، وجاره ليس له إلا طابق واحد؛ لأن الهواء تابع للقرار، وهذا صحيح، له ذلك، حتى لو حجب الشمس والهواء عنه، فإن له ذلك؛ لأن هذا ملكه، لكن إن علمنا أنه قصد الإضرار بجاره فهنا نمنعه؛ لأنه لا يجوز للإنسان أن يضار جاره.

والمضارة ممنوعة شرْعًا، حتى إن الرجل إذا أراد أن يراجع زوجته التي طلقها حرم عليه إذا قصد المضارة؛ لقوله تعالى: {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا} [البقرة: ٢٣١]. أما إذا كان لغرض صحيح، قال: أنا رجل أريد أن أستغل ملكي، أجعله شققًا وأوجرها، فله ذلك.

***

ثم قال: (وإذا انْهدم جدارهما أوْ خيف ضرره فطلب أحدهما أنْ يعمِّره الآخر معه؛ أجْبر عليْه).

(إذا انهدم جدارهما) الضمير يعود على الجارين، يعني هذا جدار مشترك بين أرضيهما، وأُقيم على نفقتيهما، ثم انهدم الجدار فطلب أحدهما من الآخر أن يُعمِّرَه، قال الآخر: لا نعمره؛ لأنه ليس لي حاجة، آه، هذه أرضي لا أريد أن أعمر عليها، وليس لي حاجة لإقامة الجدار، فإنه يُجبر على ذلك؛ لأنه شريك مع صاحبه، فيُجبر على عمارة ما كانا فيه شريكين.

طيب، فإذا أراد أحدهما أن يهدمه ليعمره مسلحًا وهو قد عمر باللبن الطين، فهل يُجبَر؟

الجواب: لا؛ لأن هناك فرْقًا بين إصلاح ما فسد، وبين التجميل والتزويق والنقل إلى أفضل. إصلاح ما فسد يُجبَر الآخر عليه، كما لو انهدم، أو خِيف ضرره بأن يكون مال أو تشقَّق، فيُجبر الآخر، أما أن يُنقل إلى أفضل فلا يجبر الآخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>