إذن مراد المؤلف بقوله:(من ماله قدر دينه) هذا الحد الأدنى، يعني قدْر الدين أو أعلى فإنه لا يُحجر عليه، ولا يُمنع من التصرف في ماله، ولكن ماذا نفعل؟
يقول:(وأُمِرَ بوفائه).
(أُمِرَ) مبني لما لم يُسمَّ فاعله، فمن الفاعل الآمِر؟ ولي الأمر من قاضٍ، أو أمير، أو غيرهما، (أمر بوفائه).
(فإن أبى حُبِس بطلب ربه) أي رب الدَّيْن، أي صاحب الدَّيْن.
(حُبِس) يحبسه ولي الأمر إما في السجن العام، وإما في بيته، وإما في بيتٍ آخر، المهم أنه يُمنع من التصرُّف، ومن التجوُّل.
وقوله:(بطلب ربه)، رب مَنْ؟ رب الدَّيْن، والربُّ هنا بمعنى الصاحب، فهو يُطلَق على عدة معانٍ منها الصاحب، يعني إذا طلب صاحب الدَّيْن أن يُحبس حُبِس؛ فإن لم يطلب وقال للقاضي مثلًا لما رأى أنه مُتوجِّه إلى حبسه قال: لا تحبسه، إذا آل الأمر للحبس فأنا أصبر، فهنا لا يُحبس. لماذا؟ لأن الحق لصاحب الدَّيْن، ولو شاء أن يُبرئه لأبرأه، فإذا كان الحق حقه، ولو شاء أن يُبرئه لأبرأه فهنا يبرئه من الحبس، يقول: لا يُحبس، اتركوه، متى أراد أوفى.
(فإن أصرَّ) حبس ولكن أصر، وهذه الصورة قد تكون نادرة، لكن ربما تقع من بعض السفهاء أو بعض من يريد الإضرار بالدائن. المهم حُبِس يومين ثلاثة أكثر أبد.
يقول:(فإن أصرَّ ولم يَبِعْ ماله باعه الحاكم)، ولم يذكر المؤلف الضرب، يعني أنه يحبس ولا يضرب، إذا أبى فإن الحاكم يتولى بيع ماله، ويقول: متى شئت اخرج من الحبس، يتولَّى بيع ماله، وظاهر كلام المؤلف أنه لا يُضرب.
وقال بعض أهل العلم: بل يُضرب، يُعزَّر كل يوم، لكن لا يُزاد على عدد الجلدات التعزيرية، وهي على المشهور عشر جلدات. كل يوم، كل صباح نجلده عشر جلدات، يحبس ليلًا ونهارًا، ويجلد صباحًا، ويقال: أوفِ ما عليك وعنده قدْر دينِه ويَعْلم.