للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من آبائه أموالاً كثيرة، حبس لنفسه القوت الذي يتعيش به من ورائه، وأنفق سائرها على مشايخ الزهد والعلماء، حتى لقد بلغني أنه أجلس بعض المشايخ في كثبة في البادية، ومشى راجلاً، واتفق أن أبا عثمان الحيري طلب شيئاً لبعض الثغور، فتأخر ذلك، فضاق به ذرعاً، وبكى على رؤوس الناس، فجاءه أبو عمرو بن نجيد بعد العتمة ومعه كيس فيه ألفا درهم، فقال: يجعل هذا في الوجه الذي تأخر اليوم، وهو له، ففرح أبو عثمان ودعا له، فلما جلس أبو عثمان للمجلس قال: أيها الناس لقد رجوت لأبي عمرو بما فعل، فإنه ناب عن الجماعة في ذلك الأمر، وحمل كذا وكذا، فجزاه الله خيراً، فقام أبو عمرو على رؤوس الناس وقال: إنما حملت ذلك من مال أمي وهي غير راضية، فينبغي أن ترد علي لأردها إليها، فأمر أبو عثمان بذلك الكيس فأخرج، وردها إليه، فلما جن عليه الليل جاء إلى أبي عثمان في مثل ذلك الوقت وقال: يمكن أن يجعل هذا في ذلك الوجه من حيث لا يعلم به غيرنا، قال: فبكى أبو عثمان، وكان بعد ذلك يقول: أنا أخشى من همة أبي عمرو، وتوفي في شهر ربيع الأول سنة خمس وستين وثلاثمائة ودفن بشاهنبر وهو ابن ثلاث وتسعين سنة.

وسبطه ابن بنته أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين بن محمد بن موسى السلمي الصوفي، ونسب إلى جده لأمه صاحب التصانيف للصوفية التي لم يسبق إليها، وكان مكثراً من الحديث، وله رحلة إلى العراق والحجاز، وشيوخه أكثر من أن تذكر. روى عنه الحاكم أبو عبد الله الحافظ، ومات قبله بسبع سنين، وآخر من روى عنه في الدنيا أبو الحسن علي بن أحمد المديني المؤذن، وكانت وفاته في الثالث من شعبان سنة اثنتي عشرة وأربعمائة بنيسابور، وزرت قبره بها.

وأبو إسماعيل محمد بن إسماعيل السلمي الترمذي ذكرته في التاء.