في أصول اعتقادهم إلى رأي أهل القدر، وصنف كتاباً يزيد على العشرين جزءاً في الرد على القدرية، ونفذه إليه فرضي عنه وطاب قلبه ونفذ ابنه أبا العلاء علي بن علي السمعاني إليه وللتفقه عليه، فأقام عنده مدة يتعلم ويدرس الفقه، وسمع الحديث من أبي الخير محمد بن موسى بن عبد الله الصفار المعروف بابن أبي عمران رواية صحيح البخاري عن أبي الهيثم الكشميهني ورجع إلى كرمان، ولما مات والده فوض إليه ما كان إلى والده من المدرسة وغيرها، ورزق أبو العلاء الأولاد، وإلى الساعة له بكرمان ونواحيها أولاد فضلاء وعلماء.
وجدنا الإمام أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار السمعاني، إمام عصره بلا مدافعة، وعديم النظير في فنه، ولا أقدر على أن أصف بعض مناقبه، ومن طالع تصانيفه وأنصف، عرف محله من العلم. صنف التفسير الحسن المليح الذي استحسنه كل من طالعه، وأملى المجالس في الحديث، وتكلم على كل حديث بكلام مفيد، وصنف التصانيف في الحديث، مثل "منهاج أهل السنة" و "الانتصار" و "الرد على القدرية" وغيرها، وصنف في أصول الفقه القواطع، وهو يغني عما صنف في ذلك الفن، وفي الخلاف البرهان وهو مشتمل على قريب من ألف مسألة خلافية، و "الأوساط" و "المختصر" الذي سار في الآفاق والأقطار الملقب بالاصطلام، ورد فيه على أبي زيد الدبوسي، وأجاب عن الأسرار التي جمعها، وكان فقيهاً مناظراً، فانتقل بالحجاز في سنة اثنتين وستين وأربعمائة إلى مذهب الشافعي ﵀، وأخفى ذلك وما أظهره إلى أن وصل إلى مرو، وجرى له في الأسفار محن ومخاصمات، وثبت على ذلك، ونصر ما اختاره، وكانت مجالس وعظه كثيرة النكت والفوائد. سمع الحديث الكثير في صغره وكبره، وانتشرت عنه الرواية، وكثر أصحابه وتلامذته، وشاع ذكره. سمع بمرو أباه، وأبا غانم أحمد بن علي بن الحسين الكراعي، وأبا بكر محمد بن عبد الصمد الترابي المعروف بابن أبي