للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دخلت الدار وبكيت وخرجت ومزقت على نفسي القميص ووضعت التراب على رأسي فاستجمع علي أهلي ومن في منزلي وقالوا: ما أصابك؟ فقلت: منعتموني الارتحال إلى محمد بن أيوب فسلوا قلبي وأذنوا لي بالخروج عند ذلك وأصحبوني خالي إلى نسا إلى الحسن بن سفيان -وأشار إلى وجهه وقال: لم يكن لي ههنا طاقة- فقدمت عليه وسألته أن أقرأ عليه المسند فأذن لي وقرأت عليه جميع المسند وغيره من الكتب وكان ذلك أول رحلتي في طلب الحديث ورجعت إلى وطني ثم خرجت إلى بغداد في سنة ست وتسعين ومائتين. وحكى حمزة بن يوسف السهمي عن أبي الحسن الدارقطني قال: كنت عزمت غير مرة أن أرحل إلى أبي بكر الإسماعيلي فلم أرزق. وكان الحسن بن علي الحافظ المعروف بابن غلام الزهري بالبصرة يقول: كان من الواجب للشيخ أبي بكر أن يصنف لنفسه شيئاً ويختار على حسب اجتهاده فإنه كان يقدر عليه لكثرة ما كان كتب ولغزارة علمه وفهمه وجلالته وما كان له أن يتبع كتاب البخاري فإنه كان أجل من أن يتبع غيره. قال السهمي: وكان أبو الحسين محمد بن المظفر الحافظ يحكي جودة قراءته وقال: كان مقدماً في جميع المجالس وكان إذا حضر مجلساً لا يقرأ غيره. وكان أبو القاسم البغوي يقول: ما رأيت أقرأ من أبي بكر الجرجاني. وقال السهمي: ما من يوم يمر إلا وكان يحضر الإسماعيلي من الغرباء الجوالين ممن يفهم ويحفظ مقدار أربعين أو خمسين. توفي أبو بكر الإسماعيلي بجرجان يوم السبت غرة رجب سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة ودفن يوم الأحد، وصلى عليه ابنه أبو نصر، وهو ابن أربع وتسعين سنة وأشهر. قلت: وزرت قبره وقبور أولاده بجرجان في حظيرة لهم. ومن أولاد الإمام أبي بكر الإسماعيل الجرجاني جماعة، منهم أبو نصر محمد بن أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن العباس الإسماعيلي، ترأس في حياة والده أبي بكر