بسر من رأى وأعمالها، وقبل هذا كان قاضي القضاة بسر من رأى في أيام المعتز والمهتدي، فلما توفي الحسن وجه المعتمد بعبيد الله بن يحيى بن خاقان إلى علي بن محمد فعزاه بأخيه وهنأه بالقضاء، فامتنع من قبول ذلك، فلم يبرح الوزير من عنده حتى قبل وتقلد قضاء القضاة، ومكث يدعى بذلك إلى أن توفي. وعلي بن محمد رجل صالح صفيق الستر، عظيم الخطر، متوسط في العلم بمذهب أهل العراق، كثير الطلب للحديث، ثقة أمين، لا مطعن عليه في شيء، حسن التوقي في الحكم، على طريقة الشيوخ المتقدمين، متواضع مع جلالته، حمل الناس عنه حديثاً كثيراً، وتوفي ببغداد في شوال سنة ثلاث وثمانين ومائتين، وحمل إلى سر من رأى ودفن بها.
وأبو الحسن علي بن محمد بن جعفر المقرئ المالكي، يعرف بالشواربي، ولي القضاء بعكبرا بلدة فوق بغداد، وحدث بها عن يونس بن أحمد الرافقي. شيخ يروي عن هلال بن العلاء. روى عنه أبو منصور محمد بن محمد بن عبد العزيز العكبري، قال أبو بكر الخطيب: وسمعت التنوخي ذكر هذا الشواربي فأثنى عليه، وقال: قيل له: هل الشواربي نسبة إلى ابن أبي الشوارب؟ فقال: لا، ذاك قرشي ولست من قريش. وقال لي أبو منصور ابن عبد العزيز: مات الشواربي بعكبرا بعد سنة أربعمائة.