وأبو عمرو كلثوم بن عمرو العتابي القنسريني، من أهل قنسرين، وذكرته في العتابي؛ لأنه اشتهر بهذه النسبة، وسقت نسبته إلى عتاب في ذلك الموضع، وكان شاعراً مترسلاً، مطبوعاً، متصرفاً في فنون من الشعر، مقدماً في الخطابة والرواية، حسن العارضة والبديهة، من شعراء الدولة العباسية، وكان يتجنب غشيان السلطان، قناعة وتنزها، وصيانة وتعززا، وكان يلبس الصوف، ويظهر الزهد، وكان منقطعاً إلى البرامكة، فوصفوه للرشيد، ووصلوه به، فبلغ عنده كل مبلغٍ، وعظمت فوائده منه. ومنصور النمري راويته وتلميذه، ثم فسدت الحال بينهما وتباعدت. وحكى أن طوق بن مالك كان قريباً للعتابي، فكتب إليه يستزيره ويدعوه إلى أن يصل القرابة بينه وبينه، فرد عليه: إن قريبك من قرب منك خيره، وإن عمك من عمك نفعه، وإن عشيرتك من أحسن عشرتك، وإن أحب الناس إليك أجداهم بالمنفعة عليك، ولذلك أقول:
ولقد بلوت الناس ثم سبرتهم … وخبرت ما وصلوا من الأنساب