إليه في جماعة أهل المجلس، فناظروه فلم يصنعوا شيئاً، فقالوا: أفدنا يرحمك الله. فقال لهم الكسائي: تفهموا عن الحائك! تقول إذا نسبت الرجل إلى الذئب قد استذأب الرجل. ولو قلت: استذاب، بغير همز، لكنت إنما نسبته إلى الهزال، تقول قد استذاب الرجل. إذا استذاب شحمه، بغير همزة، فإذا نسبته إلى الحوت، قلت: قد استحات الرجل. أي كثر أكله، لا يجوز فيه الهمز، فلتلك العلة همز الذئب، ولم يهمز الحوت، وفيه معنى آخر، لا يسقط الهمز من مفرده ولا من جمعه، وأنشدهم:
أيها الذئب وابنه وأبوه … أنت عندي من أذؤب ضاريات
قال: فسمي الكسائي من ذلك اليوم.
وقال عبد الرحيم بن موسى، قلت للكسائي: لم سميت الكسائي قال: لأني أحرمت في كساء.
ثم أقرأ ببغداد زماناً بقراءة حمزة، ثم اختار لنفسه قراءة، فأقرأ بها الناس، وقرأ عليه بها خلق كثير ببغداد، وبالرقة، وغيرهما من البلاد، وحفظت عنه. وصنف معاني القرآن، و"الآثار" في القراءات. وكان قد سمع من سليمان بن أرقم، وأبي بكر بن عياش، ومحمد بن عبيد الله العرزمي، وسفيان بن عيينة، وغيرهم.