للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأقول: لا يلزم من تجويزهم وصفَ ذي اللام الجنسية بالجملة جواز إدخال "من" الزائدة عليه؛ إذ المانع قائم، وهو: فقدُ شرطِ الزيادة، وذلك أنهم صرحوا بأنه يشترط كون مدخولها نكرة، والمحلى باللام المذكورة معرفة قريبة من النكرة، لا نكرة، وأما الجملة، فصرحوا بأنها يوصف بها النكرة، وهو قريب منها؛ بخلاف مجرور "من" الزائدة؛ فإنهم شرطوا كونه نكرة، ولم يتعرضوا إلى أن ما هو قريب من النكرة بمثابتها في ذلك، فعملنا بالنص في الموضعين، ولو عمل بما تخيله هذا المعترض، لم يصح وقوع ما دخلت عليه هذه اللام مبتدأ، ولا ذا حال، ولا موصوفًا بالمعرفة، واللازم باطل إجماعًا.

* * *

* المكان التاسع: قوله - عليه السلام -: "وأحيانًا يتمثل لي المَلَكُ رجلًا"، قال جماعة من الشارحين: "رجلًا" تمييز.

قلت: والظاهر أنهم أرادوا: تمييز النسبة، لا تمييز المفرد؛ إذ المَلَك لا إبهام فيه، ثم أوردت سؤالًا، وهو: أن تمييز النسبة لا بد أن يكون محوَّلًا عن الفاعل؛ كتصبَّبَ زيدٌ عرقًا؛ أي: عَرَقُ زيد، والمفعول؛ نحو: {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا} [القمر: ١٢]؛ أي: عيونَ الأرض، وذلك غير متأتٍّ هنا.

وأجبت: بأن هذا أمر غالب لا دائم؛ بدليل: امتلأ الإناءُ ماءً (١).

قال مقلد خطباء الهند: ذلك عند شرذمة قليلين، فأما عند الحذاق، فلا.


(١) انظر: "مصابيح الجامع" (١/ ٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>