للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

دحية، لا دحية؛ [لأن دحية] (١) كان معروفًا، واستشكلتُه أنا بأن ظاهر القصة التي ذكر فيها مجيء جبريل - عليه السلام - على تلك الصورة يقتضي أنه لم يبلِّغ وحيًا عن الله إلى رسوله في هذه المرة، وإنما جاء سائلًا (٢) له عن شرائع الإسلام؛ ليعلم الناس دينهم، فكيف يعد هذا من وجوه الوحي إلى الرسول عليه الصلاة والسلام؟! (٣).

قال مقلد خطباء الهند: ما ذكره الشيخ ابن المنيِّر صواب؛ فإن تصديق جبريل إياه - عليه الصلاة والسلام - بقوله: "صدقت"، الظاهر: أنه بأمر، وإلا، كان يعلم الشريعة من عند نفسه، {وَمَا نَتَنَزَّلُ إلا بِأَمْرِ رَبِّكَ} [مريم: ٦٤]، و {وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [النحل: ٥٠] مما يقوي ما ذكره.

وأقول: لا يلزم من كون جبريل - عليه السلام - فعل بأمر الله ما فعله من تنزله على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وسؤاله عن شرائع (٤) الإسلام، وتصديقه إياه في جوابه، وتعليم الناس دينهم؛ أن يكون ذلك وحيًا بلَّغه جبريل عن الله إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[لأنه] لم يعرف أن السائل جبريل - عليه السلام - إلا في آخر الأمر، وقد جاء مبينًا في الدارقطني في آخر الحديث المذكور: "هذا جبريلُ قد أتاكم يعلِّمُكُم دينَكم، فخُذوا منه، فوالذي نفسي بيدِه! ما شُبِّهَ عَلَيَّ منذُ أتاني قبلَ مَرَّتي هذه، وما عرفْتُهُ حتى ولَّى" (٥)، انتهى.


(١) ما بين معكوفتين زيادة يقتضيها النص.
(٢) في الأصل: "سائل"، والصواب ما أثبت.
(٣) انظر: "مصابيح الجامع" (١/ ٢٦).
(٤) في الأصل: "الشرائع"، والصواب ما أثبت.
(٥) رواه الدارقطني (٢/ ٢٨٢) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>