للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وانتفاء المانع (١).

قال مقلد خطباء الهند: انتفاء المانع ممنوع؛ فإن المصدرية لا تجامع العلم؛ لكونها للرجاء والطمع الدالَّين على ما بعدهما غير معلوم التحقق، وكون العلم دالًّا على ما بعده معلوم التحقق، ولعل ما ذكر الشارح حكاية اللام مع غير العلم.

وأقول: يا عجبًا لمن تسمو نفسه إلى أن يُعَدَّ من فضلاء الهند المتصدين (٢) للمناقشة والمناظرة كيف يصدر منه هذا الكلام، خيل به وهمه الفاسد: أن "أن" لا تكون مصدرية في موطن من المواطن التي تقع فيها بعد العلم، فقال ما قال، فماذا تريد تصنع في قوله تعالى: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى} [المزمل: ٢٠]، أتراه يقول: "أن" فيه ليست مصدرية؟ وحقيقة الأمر: أن [أن] (٣) قد تكون ثنائية الوضع، فَتَرِدُ تارة اسمًا، وهي ضمير المتكلم في قول بعضهم: أَنْ فعلتُ -بإسكان النون-، وتَرِد تارة حرفًا، وهذا أكثر فيه، على أوجه:

منها: أن تكون ناصبة للمضارع، وهذه مصدرية، ولا تقع بعد فعل العلم، وإنما تقع في الابتداء؛ نحو: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: ١٨٤]، أو بعد فعل دال على معنى غير اليقين؛ نحو: {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي} [الشعراء: ٨٢].

وقد تكون "أن" ثلاثية الوضع في الأصل، ولكنها خففت، فصارت


(١) انظر: "مصابيح الجامع" (١/ ٢١٨).
(٢) في الأصل: "المتصديين"، والصواب ما أثبت.
(٣) زيادة يقتضيها السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>