للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

للقاضي أبي الوليد سليمانَ بنِ خلفٍ الباجيِّ -رحمه الله-، قد لزمَه، وتفقَّه عنده، وكان حسنَ الفهم، جيدَ القريحة، وكان يعجبه تأويلُ الفقيه أبي الوليد في حديث المقاضاةِ حين قاضى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - سهيلَ بنَ عمرٍو من المشركين يومَ الحديبية، وقول إسرائيل فيه: فأخذ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -[الكتابَ، فكتب، ومرّة قال: فأخذَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الكتابَ، وليس يُحسن أن يكتبَ، فكتب، وكل ذلك من رواية عبيد الله بن موسى عنه، فتأول أبو الوليد -رحمه الله- أَنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -] (١) باشر الكتابَ بيده، وخرَّج ذلك على وجهين: على أنه كتبَ عالماً بما يكتب القلم، وعلى وجهٍ آخر: أنه كتبَ كتاباً مستوياً على حسب المراد، وجرى القلمُ بما أراد من ذلك، من غير أن يعلم هو - صلى الله عليه وسلم - حقيقةَ ما كتب؛ ليكون ذلك زيادةً في الإعجاز، وكان أبو محمد عبدُ الله بنُ أحمدَ يعجبه هذا القول، ويًسَرُّ به، فأنكره عليه، وأنقضَه بضروب من النقض يطولُ ذكرُها، وكنت أقول له (٢): هذا القولُ لا يصح، ولا يقوله أحدٌ ممن يقتدى بقوله، ولا بلغنا عن أحد من سلف هذه الأمة، وأبينُ له الوهمَ بأكثرَ من هذا، فيأبى إلا التمادي في الإعجاب به، والإصرار (٣) عليه، فلما كان بعدَ برهة، قصدني زائراً على عادته، ققال لي: يا سيدي! ذكر لي بعض إخواني مناماً كان يراه، ورغب إليَّ أن أقصَّه عليك؛ لأنتهي (٤) إلى تأويلك فيه، فقلت له: قُصَّه، فقال: أخبرني أنه كان


(١) ما بين معكوفتين ليس في "ع".
(٢) "له" ليست في "ع".
(٣) في "ع": "والإعجاز".
(٤) في "ع": "لأنهي".

<<  <  ج: ص:  >  >>