للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يرى في النوم أنه في المدينة مدينةِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: فكنت أرى أني أدخلُ في المسجد إلى قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأرى القبر أمامي، فكنت أجد للقبر هيبةً عظيمة في نفسي، حتى كنت أجد قُشَعريرة؛ إجلالاً وتعظيماً لمن فيه - صلى الله عليه وسلم -، فبينما أنا على تلك الحال، إذ كنت ألتفت، فأرى القبر ينشقُّ، وكأنه يميل ولا يستقر، فكنت يعتريني فزعٌ عظيم، وأتأمل القبرَ فأراه لا يستقرُّ، وأنا فيما لا يعلمه إلا الله -عز وجل- من الفزع، ثم قال لي: يا سيدي! ما عندكَ في تأويل هذا المنام؟!

فأطرقتُ حيناً، ثم قلت له: أخشى على صاحب هذا المنام أن يصف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغير صفته، أو يَنْحَلَه ما ليس له بأهل، أو لعله يفتري عليه، قال لي: ومن أين تخلصت إلى هذا؟ فقلت له: من قول الله -تبارك وتعالى-: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (٩٠) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا} [مريم: ٩٠ - ٩١].

فقال لي أبو محمد: لله (١) درك يا سيدي! وأقبلَ يقبِّل رأسي وبَيْنَ عينيَّ، ويبكي مرةً، ويضحك أخرى فرحاً منه وسروراً بحسن التأويل الموافق للمنام، ويقول: ما سمعتُ قَطُّ بأبدعَ من هذا التأويل، ولا بأصحَّ منه، وإني للرجلُ الذي رأى هذا المنام، واسْمَع أُتِمُّهُ لك؛ فقد بقيتْ منه بقيةٌ تشهد بصحة تأويلك، فقلت: هاتِ، قال: فلما رأيتني في ذلك الفزع العظيم، كنت -والله- أقولُ ما هذا إلا لأني أقولُ وأعتقدُ أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كتبَ، فكنت أبكي وأقول: أنا تائبٌ يا رسول الله، وكنت أقول ذلك مراراً بجدٍّ وإخلاص، فكنت أتأمل القبر، فأراه قد عاد إلى هيئته


(١) "لله" ليس في "ع".

<<  <  ج: ص:  >  >>