للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

({وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: ٩٦]: استُدل به على أن أفعالَ العباد مخلوقةٌ لله تعالى.

وأخذ الزمخشري يحاول (١) تنزيل الآية على معتقده الفاسد، فقال (٢): {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: ٩٦]؛ أي: وما تعملون من الأصنام؛ كقوله: {بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ} [الأنبياء: ٥٦]، ويكون الشيء الواحد مخلوقاً لله، معمولًا لهم؛ كقولكَ: عملَ النجارُ البابَ؛ أي: عملَ شكلَه، لا جوهَرَه، ولا يصح أن تكون "ما" مصدرية؛ لأدلة العقل، ولأن الله تعالى احتجَّ عليهم بكونه خالقاً للعابِد والمعبود، فكيف يكون مخلوق (٣) خالقاً (٤)، فلو قال: وخلقَ عملَكم، لم يكن للكلام طباق، ولأن "ما" في قوله: {مَا تَنْحِتُونَ} [الصافات: ٩٥] موصولة، فالفرق بينها وبين الثانية تعسُّف، ولا يصحُّ أن تكون موصولة بمعنى: وما تعملون من أعمالكم، فتوافق الأولى في كونها موصولة؛ لبقاء الإلزامين في عنقك، لا يفُكُّهما إلا إِذْعانُك للحق، فإنها، وإن كانت موصولة، فقد أردت بها المصدر الذي هو العمل، وأردتَ بالأولى عين المنحوت وفيه فَكُّ النظمِ كما لو جعلْتَها مصدرية (٥).

قال صاحب "الانتصاف": يتعين حملُها على المصدرية؛ إذ لم يعبدوا


(١) في "ج": "محال".
(٢) في "ج": "قال".
(٣) في "م": "فكيف مخلوق".
(٤) في "م": "مخلوقاً".
(٥) انظر: "الكشاف" (٤/ ٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>