للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأصنامَ من حيث هي حجارةٌ عاريةٌ عن الصورة، ولولا ذلك، لما خَصُّوا حَجَراً دون غيره، بل عبدوها باعتبار أشكالها، وهي أثرُ عملِهم، فعلى الحقيقة إنما عبدوا عملَهم، فوضحت الحجة في أنهم وعملَهم مخلوقان لله، فكيف يعبدُ مخلوقٌ مخلوقاً؟

وقوله: هي موصولة، فالمراد: عملُ أشكالها، مخالفةٌ للظاهر، واحتياجٌ إلى حذف مضاف؛ أي: وما تعملونَ شكلَه وصورته، وهو موضعُ لَبْس، وإذا جعل المعبود نفسَ الجوهر، فكيف يُطابق توبيخَهم ببيان (١) أن المعبودَ من صنعةِ العابد، وهم يوافقون على أن (٢) جواهر الأصنام ليست من خَلْقهم، فيكون على هذا ما هو من عملهم ليس معبوداً لهم، وما هو معبود، وهو الجوهر، ليس عملاً لهم.

وقوله: المطابقةُ تنفكُّ على رأي أهل السنة؛ فإنا نحمل الأولى على المصدر، وهم في الحقيقة عبدوا نحتَهم؛ لأنها قبلَ النحت لم تُعبد، والمطابقةُ والإلزام على هذا أبلغُ، ولو كان كما قال؛ لقامت الحجة لهم، ولكافحوا، وقالوا: ما خلقَ الله ما نعمل؛ لأنا عملْنا التشكيلَ والصورة، ولله الحجة البالغة، ولهم الأكاذيب الفارغة (٣).

{إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: ٤٩]: جعله ابنُ الحاجب مثالاً لما يجبُ فيه النصبُ في باب: الاشتغال؛ حذراً من لبس المفسر بالصفة، فيوقع ذلك في خلاف المقصود.


(١) في "ج": "بيان".
(٢) في "ج": "يوافقون أن".
(٣) "الفارغة" ليست في "ج".

<<  <  ج: ص:  >  >>