للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: المرادُ لفظُهما محكيٌّ.

فإن قلت: كلمتان مثنى، والمخبَرُ عنه غيرُ متعدد؛ ضرورةَ أنه ليس ثَمَّ حرفُ عطفٍ يجمعهما، ألا ترى أنه لا يصحُّ قولك: زيدٌ عمرٌو قائمان.

قلت: هو على حذف العاطف؛ أي: "سبحان الله وبحمده، وسبحان الله العظيم، كلمتان خفيفتان على اللسان"، إلى آخره.

وحُذِفَ ناصبُ "سبحانَ الله" على الوجوب؛ لأنَّه من المصادر التي وقع تبيين مفعولها بالإضافة.

قال الرضي: وإنما حُذف؛ إبانةً لقصدِ الدوام واللزوم بحذفِ ما هو موضوعٌ للحدوث والتجدُّد (١).

قلت: وقع له في باب الميزان من شرح الحاجبية ما ناقض هذا، وذلك أنه قال: الأصل في السلام عليكم: سلَّمَكَ الله سلاماً، ثم حذف الفعل لكثرة الاستعمال، فبقي المصدرُ منصوباً، وكان النصبُ يدل على الفعل، والفعلُ يدل على الحدوث، فلما قصدوا دوامَ نزولِ سلام الله عليه واستمراره، أزالوا النصبَ الدال على الحدوث، فرفعوا سلام (٢).

وهذا الذي قاله هنا هو الحق، والأولُ غير مَرْضِيٍّ.

وقد نص أهلُ المعاني على أنه من جملة الأسباب المقتضية لتقديم المسند تشويقَ السامع إلى المبتدأ، بأن يكون في المسنَد المقدَّمِ طولُ تشويق النفس إلى ذكر المسند إليه، فيكون أوقعَ في النفس، وأدخلَ في


(١) انظر: "شرح الرضي على الكافية" (١/ ٣٠٦).
(٢) المرجع السابق، (١/ ٢٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>